للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)} [الأنعام]. فالله يأمر نبيه أن يخبر هؤلاء المشركين بأنه مخالف لهم في دينهم فإن صلاته وذبحه بل حياتُه كلُّها والممات، لله ربِّ العالمين {لَا شَرِيكَ لَهُ} في شيء من ذلك لأنه لا ينبغي أن يكون ذلك إلا خالصا لوجهه الكريم. قال تعالى: {وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. يعني من هذه الأمة؛

قال الطبري -رحمه الله-: يَقُولُ: وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ وَأَذْعَنَ وَخَضَعَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِرَبِّهِ، بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ا. هـ (١)

إنها آية عظيمة تدل على أن الإنسان يجب أن يعبد الله وحده لا شريك له.

وتأمل أيضًا قولَ الله -سبحانه وتعالى- في أنبيائه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦)} [الزمر].

لاحظ هنا أنه قدَّمَ ما حقُّه التأخير {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ} فما قال: فاعبد الله، بل قال: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ} وتقديم المفعول به على عامله يدل على الاختصاص أي: لا تعبد إلا الله، وذلك مثل قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة].

فوا عجبَا لمن يصلي كلَّ يوم خمس مرات ويقرأ في كل ركعة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ومعناها هو معنى لا إله إلا الله أي: لا نعبد إلا إياك يا رب ولا نستعين إلا بك، ثم يخالف فيقع في الشرك الأكبر!

نعوذ بالله من ذلك، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يُفقِّهنا في الدين، وأن يشرح صدورنا لهذا الدين العظيم، وأن يجعلنا مؤمنين موحدين، نحيا على الإسلام، ونموت على الإيمان، اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان.


(١) تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (١٠/ ٤٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>