للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفاته ليس هو المعنى الذي دل عليه الاسم الآخر، فأسماء الله مشتقة من صفاته وليست جامدة كما يزعم المعتزلة ومن وافقهم الذين ادَّعوا أنها أعلام جامدة لا معاني لها، فقالوا: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة، فسلبوا بذلك عن أسماء الله معانيها. فالرب تعالى يشتق له من أوصافه وأفعاله أسماء ولا يشتق له من مخلوقاته، وكل اسم من أسمائه فهو مشتق من صفة من صفاته أو فعل قائم به.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: فَأَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ ثُمَّ كُلُّ اسْمٍ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى مِنْ صِفَاتِهِ. لَيْسَ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْمُ الْآخَرُ؛ فَالْعَزِيزُ يَدُلُّ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ عِزَّتِهِ وَالْخَالِقُ يَدُلُّ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ خَلْقِهِ وَالرَّحِيمُ يَدُلُّ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ رَحْمَتِهِ وَنَفْسُهُ تَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ صِفَاتِهِ فَصَارَ كُلُّ اسْمٍ يَدُلُّ عَلَى ذَاتِهِ وَالصِّفَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِطَرِيقِ الْمُطَابَقَةِ وَعَلَى أَحَدِهِمَا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ وَعَلَى الصِّفَةِ الْأُخْرَى بِطَرِيقِ اللُّزُومِ. ا. هـ (١)

وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: فالاسم له أنواع ثلاثة في الدلالة: دلالة مطابقة، ودلالة تضمن، ودلالة التزام:

١. فدلالة المطابقة: دلالة اللفظ على جميع مدلوله، وعلى هذا، فكل اسم دال على المسمى به، وهو الله، وعلى الصفة المشتق منها هذا الاسم.

٢. ودلالة التضمن: دلالة اللفظ على بعض مدلوله، وعلى هذا، فدلالة الاسم على الذات وحدها أو على الصفة وحدها من دلالة التضمن.

٣. ودلالة الالتزام: دلالته على شيء يفهم لا من لفظ الاسم لكن من لازمه ولهذا سميناه: دلالة الالتزام.

مثل كلمة الخالق: اسم يدل على ذات الله ويدل على صفة الخلق.

فباعتبار دلالته على الأمرين يسمى دلالة مطابقة، لأن اللفظ دل على جميع مدلوله، ولا شك أنك إذا قلت: الخالق، فإنك تفهم خالقاً وخلقاً. وباعتبار دلالته على الخالق وحده أو على الخلق وحده يسمى دلالة تضمن، لأنه دل على بعض معناه، وباعتبار دلالته على العلم والقدرة يسمى دلالة التزام، إذ لا يمكن خلق إلا بعلم وقدرة، فدلالته على القدرة والعلم دلالة التزام. وحينئذ، يتبين أن الإنسان إذا أنكر واحداً من هذه الدلالة،


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>