للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: «رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ السِّدْرَةِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جِنَاحٍ، يَتَنَاثَرُ مِنْهَا تَهَاوِيلُ الدُّرِّ» (١)

وعَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَأَيْنَ قَوْلُهُ {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)} [النجم] قَالَتْ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ المَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ الأُفُقَ» متفق عليه (٢)، وفي رواية للبخاري: «وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ -عليها السلام- فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ» (٣) ولمسلم عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، … فذكر الحديث وفيه أنه سألها: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ -عز وجل-: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)} [التكوير]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} [النجم] فقالت: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ» (٤)

[٣] وربما أتاه الوحي مثل صلصلة الجرس، فيذهب عنه، وقد وعى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما قال. كما في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها-، أَنَّ الحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ -رضي الله عنه- سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ» قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا. (٥)

[٤] وكذلك كان يأتيه مرات على صورة رجل، فيكلمه ويخاطبه ويعي عنه قوله كما في الحديث المتقدم قال -صلى الله عليه وسلم- «وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ»،

[٥] وقد جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث جبريل -عليها السلام- على هيئة رجل أعرابي.

[٦] وكان كثيرًا ما يأتي على صورة دحية بن خليفة الكلبي -رضي الله عنه- (٦).


(١) سنن النسائي الكبرى (١١٤٧٨).
(٢) صحيح البخاري (٣٢٣٥)، صحيح مسلم (١٧٧).
(٣) صحيح البخاري (٤٨٥٥)،.
(٤) صحيح مسلم (١٧٧)
(٥) صحيح البخاري (٢، ٣٢١٥) وصحيح مسلم (٢٣٣٣)
(٦) وهو دَحْيَةُ بن خَلِيفة بن فَرْوة بن فَضَالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخَزرج بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر ابن عوف الكلبيّ -رضي الله عنه-. جاء في صحيح البخاري (٣٦٣٤) ومسلم (٢٤٥١) عن أبيْ عُثْمَانَ، قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ -عليها السلام- أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِأُمِّ سَلَمَةَ: «مَنْ هَذَا؟» أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُخْبِرُ جِبْرِيلَ، أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: فقيل لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. وفي مسند أحمد (٥٨٥٧) بسند صحيح عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: «وَكَانَ جِبْرِيلُ -عليها السلام- يَأْتِي النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي صُورَةِ دِحْيَةَ». وفي صحيح مسلم (١٦٧) عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « … وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ -عليها السلام-، فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا دَحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ» وفي المسند (٢٥٠٩٧) عنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ .... فذكرتِ الحديث وفيه: قَالَتْ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ -عليها السلام-، وَإِنَّ عَلَى ثَنَايَاهُ لَنَقْعُ الْغُبَارِ، فَقَالَ: أَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ بَعْدُ السِّلَاحَ، اخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَقَاتِلْهُمْ. قَالَتْ: فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَأْمَتَهُ، وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ أَنْ يَخْرُجُوا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَمَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ، وَهُمْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ، فَقَالَ: «مَنْ مَرَّ بِكُمْ؟» فَقَالُوا: مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَسُنَّةُ وَجْهِهِ جِبْرِيلَ -عليها السلام- .... الحديث. وحسنه الألباني في الصحيحة (٦٧). وفي المسند أيضا (٢٤٤٦٢، ٢٥١٣١) عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَعْرَفَةِ فَرَسٍ، وَهُوَ يُكَلِّمُ رَجُلًا، قُلْتُ: رَأَيْتُكَ وَاضِعًا يَدَيْكَ عَلَى مَعْرَفَةِ فَرَسِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَأَنْتَ تُكَلِّمُهُ، قَالَ: «وَرَأَيْتِيهِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ -عليها السلام- وَهُوَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ» قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْ صَاحِبٍ وَدَخِيلٍ، فَنِعْمَ الصَّاحِبُ، وَنِعْمَ الدَّخِيلُ -والدَّخِيلُ: الضَّيْفُ-. وروى الطبراني في المعجم الأوسط (٧) وفي المعجم الكبير (١/ ٢٦٠) رقم (٧٥٨) من طريق عُفَيْرِ بن معدانَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ: «يَأْتِينِي جِبْرِيلُ عَلَى صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ» قَالَ أَنَسٌ: ودِحْيَةُ كَانَ رَجُلًا جَسِيمًا جَمِيلًا أَبْيَضَ. وعفير هذا ضعيف جدا. وروى العجليّ في تاريخه عن عَوَانة بن الحَكَم، قال: أجمل الناس مَنْ كان جبرائيل ينزل على صورته.

<<  <  ج: ص:  >  >>