للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧)} يعني: جبريل -عليها السلام- استوى في الأفق الأعلى والأفق الأعلى: الذي يأتي منه الصبح (١).

وقد تقدم -في مبحث عظم خلق الملائكة- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى جبرائيل -عليهم السلام- على صورته التي خلقه الله عليها مرتين في خَلْقٍ عظيم. ففي صحيح مسلم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ»

وقال ابن مسعود -رضي الله عنه- كما في الصحيحين-: "رأى محمد -صلى الله عليه وسلم- جبريل له ستمائة جناح" وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل -عليها السلام- في صورته، وله ستمائة جناح، كلُّ جناح منها قد سَدَّ الأفق، يسقُط من جناحه من التهاويل والدُّرِّ واليواقيت ما الله به عليم" (٢).

والتهاويل أي: الأشياء المختلفة الألوان.

وفي الصحيحين أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيَّ، -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» (٣)

وقال ربنا سبحانه في وصف جبريل -عليها السلام-: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١)} [التكوير]. فالرسول الكريم المقصود به: جبريل -عليها السلام-، و {ذِي الْعَرْشِ} هو ربُّ العزة.

قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: وقد كان لجبريل -عليها السلام- من الصفات الحميدة العظيمة، من الكرم والقوة والقرب من الله تعالى والمكانة والاحترام بين الملائكة والأمانة والحسن والطهارة؛ ما جعله أهلاً لأن يكون رسول الله تعالى بوحيه إلى رسله … وقد بيَّن الله تعالى لنا أوصاف جبريل، الذي نزل بالقرآن من عنده، وتدل على عظم القرآن، وعنايته تعالى به؛ فإنه لا يرسل من كان عظيماً إلا بالأمور العظيمة ا. هـ (٤)


(١) ينظر: تفسير ابن كثير ت سلامة (٧/ ٤٤٤)
(٢) تقدم تخريج هذه الأحاديث
(٣) صحيح البخاري (٤) وصحيح مسلم (١٦١).
(٤) تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (المقدمة/ ١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>