للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروح، فتجازى بعملها. {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (٢)} وهم الملائكة أيضا، تجتذب الأرواح بقوة ونشاط، أو أن النزع يكون لأرواح المؤمنين، والنشط لأرواح الكفار. {وَالسَّابِحَاتِ} أي: المترددات في الهواء صعودا ونزولا {سَبْحًا (٣) فَالسَّابِقَاتِ} لغيرها {سَبْقًا} فتبادر لأمر الله، وتسبق الشياطين في إيصال الوحي إلى رسل الله حتى لا تسترقه {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (٥)} الملائكة، الذين وكلهم الله أن يدبروا كثيرا من أمور العالم العلوي والسفلي، من الأمطار، والنبات، والأشجار، والرياح، والبحار، والأجنة، والحيوانات، والجنة، والنار وغير ذلك. ا. هـ (١).

وقال ابن القيم -رحمه الله-: ومن ذلك قوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (٢) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (٣) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (٤) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (٥)

فهذه خمسة أمور، وهي صفات الملائكة.

فأَقْسَمَ -سبحانه- بالملائكة الفاعلة لهذه الأفعال؛ إذ ذلك من أعظم آياته،

وحَذفَ مفعول النَّزْع والنَّشْطِ لأنَّه لو ذَكرَ ما تنزِعُ وتنشِطُ لأوْهَمَ التقييدَ به؛

ولأنَّ القَسَمَ على نفس الأفعال الصادرة من هؤلاء الفاعلين، فلم يتعلَّق الغَرَضُ بذكر المفعول … ، فكان نفسُ النَّزْع هو المقصود لا عَيْنُ المنزوع.

وأكثر المفسِّرين على أنَّها الملائكة التي تنزع أرواح بني آدم من أجسامهم، وهم جماعةٌ؛ …

و "النَّزعُ": هو اجْتِذَابُ الشيء بقوَّةٍ، والإغراق في النَّزْع أن يجتذبه إلى آخره، ومنه إغراق النَّزْع في جَذْبِ القَوس: أن يبلغ بَها غاية المَدِّ، فيقال: أغرق في النَّزْعِ، ثُمَّ صار مثَلاً لكلِّ من بالغ في فعلٍ حتَّى وصل إلى آخره.

و "الغَرْقُ": اسم مصدَرٍ أُقيم مَقَامَه، كالعطاء والكلام أُقيم مقام الإعطاء والتكليم.


(١) تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: ٩٠٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>