فيه الإرادة والمشيئة، ويدخل فيه العلم، ويدخل فيه أيضا الحكمة بحسب من قَدَّرْ.
وأما في الشريعة فالقَدَرْ يجمع أربعة أشياء: العلم، والكتابة، وعموم مشيئة الله -عز وجل-، وعموم خلقه -عز وجل- للأشياء.
وأما القضاء فإنه في اللغة بمعنى إنهاء الشيء (١)، … كما قال سبحانه {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}[طه: ٧٢]. ويأتي القضاء بمعنى القَدَرْ كما قال -عز وجل- {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}[فصلت: ١٢]، يعني قَدَّرَ ذلك وخلقه وفعله، وكما في قوله أيضا {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ}[سبأ: ١٤]، على أنَّهُ بمعنى القَدَرْ؛ لأنَّ الإنهاء يدخل في القَدَرْ.
ولهذا المعنى قال جمع من أهل العلم إنَّ القضاء والقَدَرْ بمعنى واحد؛ لأنهم لحظوا أنَّ معنى القضاء داخل في معنى القَدَرْ، وممن ذهب إلى ذلك جماعة من أهل العلم منهم ابن الجوزي وكثير من العلماء السابقين.
وأما فيما دَلَّتْ عليه نصوص الكتاب والسنة فإنَّ القَدَرَ أعم من القضاء، والقضاء هو القَدَرْ إذا وقع، وقبل وقوع المقدر لا يسمى قضاء.
ومراتب القَدَرْ الأربعة منها مرتبتان سابقتان وهي مرتبة العلم والكتابة، ومنها مرتبتان وهي عموم المشيئة وعموم الخلق لله -عز وجل- وهما مقارنتان لوقوع المقدر.
فإذا نُظِرَ لوقوع المُقَدَّرْ من جهة عموم الخلق وعموم المشيئة فإنَّهُ حينئذٍ يكون قضاءً لله -عز وجل- لهذا الشيء. فقضى الله -عز وجل- الأمر على كذا وكذا بمعنى خلقه وشاءه.