للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعلا، وليس هذا السب يُكَفِّر؛ لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة ا. هـ (١)

ولا يدخل في النهي الوصف للزمان: مثل وصف السنين بالشدة، أو وصف اليوم بالسواد، والأشهر بالنحس ونحو ذلك، لأن هذا يكون مقيّدا باعتبار ما يقع فيها لأصحابها، وهذا جاء في القرآن في قول الله -جل وعلا- {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: ١٦] فوصف الله -جل وعلا- الأيام بأنها نحسات، والمقصود أنها نحسات عليهم، لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم، ونحو ذلك قوله -جل وعلا- في سورة القمر {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩)} [القمر]، ومثله أن يقول يوم أسود أو سنة سوداء، ويكون المقصود بهذا وصف ما حصل فيها وأنه كان من صفته كذا وكذا على هذا المتكلم. وبين العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: أنه إذا قصد الخبر المحض دون اللوم؛ فهذا جائز، قال: مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك؛ لأن الأعمال بالنيات، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط -عليه الصلاة والسلام-: {هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧)} [هود] ا. هـ (٢)

هذا ونسأل الله -سبحانه- أن يوفقنا لما يحبه ويرضى، ونسأله -جل وعلا- أن يجعل هذه المجالس من مجالس العلم النافعة التي تكون لنا حُجَّةً عند الله سبحانه. وأرجو من الله أن تكون هذه المجالس داخلةً في قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢)} [الأنعام] فالله لما ذكر أن الأمم تصاب بالبلاء قال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢)} [الأنعام]. فنرجو أن تكون مجالسنا هذه من التضرع إلى الله -جل وعلا- والتوسل إليه في أن يرفع الله عنَّا هذا البلاء، وأن يصرف عنا هذا الوباء، وأن يحفظنا وإياكم وجميع المسلمين.


(١) القول المفيد على كتاب التوحيد (٢/ ٢٤٠)
(٢) المرجع السابق (٢/ ٢٤٠). وانظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد لصالح آل الشيخ (ص: ٤٦٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>