للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سبحانه: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥)} [الزلزلة] إلى آخر السورة.

فقوله: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} أي: تحركت من أسفلها {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} تُلقِي ما فيها من الموتى، وتقول كما مر معنا في الحديث: «رَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي».

ويقول -جل وعلا-: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)} [الحج].

يدُكُّ الله -عز وجل- الأرض والجبال: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١)} [الفجر] تضطرب اضطرابًا عظيمًا ثم يُسوِّيها الله -جل وعلا- وتستوي مع الجبال تنسف الجبال وتستوي الأرض حتى تصبح كبساط واحد كما تقدم معنا في الآيات

ويقول -جل وعلا-: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٤٧)} [الكهف].

قوله: {بَارِزَةً} قال البغوي -رحمه الله-: "أي: ظاهرةً ليس عليها شجر ولا جبل ولا نبات كما قال: {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧)} [طه] قال عطاء: هو بروز ما في باطنها من الموتى وغيرهم فترى باطن الأرض ظاهرًا" (١).

وقال تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٥)} [الإنشقاق]. قال الطبري -رحمه الله-: " {مُدَّتْ}: بُسِطت فزِيدَ في سعتها" (٢).

{وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} أي: ألقت ما في بطونها من الموتى إلى ظهرها، وتخلت منهم إلى الله، فتبسط، وتفرش، وتوسع، وتمد بأمر من الله وتُخرِج ما في بطنها.

وجاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ، فَيَقُولُ: فِي


(١) معالم التنزيل (٥/ ١٧٦، ١٧٥).
(٢) تفسير الطبري (٢٤/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>