للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَأْتَ أَهْلُهَا هُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَلَكِنْ «قَوْمٌ أَصَابُوا ذُنُوبًا، فَعُذِّبُوا بِهَا، ثُمَّ أُخْرِجُوا»، صُمَّتَا - وَأَهْوَى بِيَدَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ - إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ»، وَنَحْنُ نَقْرَأُ مَا تَقْرَأُ. (١)

وقالَ نُعَيمُ بنُ حَمَّادٍ قَالَ: سُفْيَانُ -يعْنِي ابنَ عُيَيْنَةَ-: قَدِمَ عَلَيْنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَمَعَهُ رَجُلٌ تَابِعٌ لَهُ عَلَى هَوَاهُ قَالَ: فَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْحِجْرَ فَصَلَّى فِيهِ، وَخَرَجَ صَاحِبُهُ، فَقَامَ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ هَذَا، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما-، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَجَعَ إِلَى عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فَقَالَ لَهُ: يَا ضَالُّ أَمَا كُنْتَ تُخْبِرُنَا أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَحَدٌ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَهُوَ ذَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ» قَالَ: فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ: هَذَا لَهُ مَعْنًى لَا تعْرِفُهُ قَالَ: فقَالَ الرَّجُلُ: وَأَيُّ مَعْنًى يَكُونُ لِهَذَا قَالَ: ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ وَفَارَقَهُ. (٢)

وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: إِنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يُخْرِجُ الله تعالى قَوْمًا مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا امْتَحَشُوا فِيهَا، وَصَارُوا فَحْمًا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرٍ عَلَى بَابِ الجنة، يسمى نهر الحياة، فينبتون فيها كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَوْ كَمَا تَنْبُتُ الثَّعَارِيرُ (٣)، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيُقَالَ: هَؤُلَاءِ عتقاء الله


(١) مسند أحمد (١٤٥٣٤)
(٢) رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٢٠٤٨) والبيهقي في شعب الإيمان (٣١٩) والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ت بشار (١٤/ ٧٥/ ٤٠٩٩)
(٣) بمثلثة مفتوحة، ثم مهملمة، واحدها ثعرور كعصفور، قال ابن الأعرأبي: هي قثاء صغار، وقال أبوعبيدة مثله، وزاد: ويقال بالشين المعجمة بدل المثلثة، وقيل: هو نبت في أصول الثمام كالقطن، قال الحافظ: والمقصود الوصف بالبياض والدقة، وجاء في تفسيره في رواية البخاري "٦٥٥٨" بالضغابيس، وفسره الأصمعي بأنه شيء ينبت في أصول الثمام يشبه الهليون، قال الحافظ: هذا التشبيه لصفتهم بعد أن ينبتوا، وأما في أول خروجهم النار فإنهم يكونون كالفحم، ووقع في حديث يزيد الفقير عن جابر عند مسلم: "فيخرجون كأنهم عيدان السمسم، فيدخلون نهراً، فيغتسلون، فيخرجون كأنهم القراطيس البيض" انظر "الفتح" ١/ ٣٢٩ و ٤٥٧، ٤٥٨. [من تعليق الشيخ شعيب -رحمه الله- في تحقيق صحيح ابن حبان]

<<  <  ج: ص:  >  >>