للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِيثَاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (٢١)} [الرعد]. فأهل الإيمان يخافون سوءَ الحسابِ من ربهم -جل وعلا-. قال أهل التفسير:

سوءُ الحساب أن تُحصى عليهم جميعُ أعمالهم، ولا يُغفَر لهم منها شيءٌ (١).

والكفار ينالهم هذا البلاءُ، -نسأل الله العفو والعافية- كما قال ربنا -جل وعلا-: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٨)} [الرعد].

وقد أَمَرَ اللهُ عبادَه أن يتَّقوا هذا اليومَ العظيمَ الذي هو يومُ الحساب والجزاء، يقول ربُّنا: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)} [البقرة]. قال العلماء: هذه الآية من آخر ما نزل من القرآن. وقال بعضهم: هي آخر ما نزل من كتاب الله. وهو مروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- (٢).

وقال أهل التفسير في قوله سبحانه: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} [الفاتحة] هو يوم الجزاء والحساب (٣).

وقال ربنا: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)} [آل عمران]

{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} كلُّ ما عَمِلْتَه ستجدُه أمامَك يوم القيامة، قال سبحانه: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}.

ويقول ربُّنا -جل وعلا-: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١١١)} [النحل]


(١) انظر تفسير الطبري (١٣/ ٥٠٥)، وتفسير السمعاني (٣/ ٨٨)، وتفسير البغوي (٤/ ٣٠٩).
(٢) انظر تفسير الطبري (٥/ ٦٧)، وابن كثير (١/ ٧٢١).
(٣) انظر تفسير الطبري (١/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>