والمعنى: أن كثيرًا سيُخْتَلَجُون دون حوض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أولئك الذين من صفاتهم: أنهم ارتدوا على أدبارهم يعني: وقعوا في الشرك بالله -جل وعلا- وأنهم لم يتبعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عقيدته وعبادته.
فاحذر -عبدَ الله- من الشرك ومن النفاق،
واحذر من البدع والمُحْدَثات؛ فإنَّ المرء لا يكون متَّبِعًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- حقًا إلَّا إذا سار على شرعته واتبع سنته -صلى الله عليه وسلم-.
أما أولئك الذي ارتدوا أو لم يتبعوه -صلى الله عليه وسلم- فسيُحرَمون من حوضه -عليه الصلاة والسلام- نسأل الله السلامة والعافية-.
وجاء في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب على المنبر ويقول:«إِنَّكُمْ مُلَاقُو اللَّهِ - وفي رواية: إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى اللهِ- حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» ثم قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم-: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)} [الأنبياء: ١٠٤]، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: «فأوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ برِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِي ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، فأقُولُ: أَصْحَابِي! فيُقَالُ: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فأقُولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} [المائدة: ١١٧ - ١١٨]» (١)
وفي حديث جابر المتقدم أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«وَسَيَأْتِي أَقْوَامٌ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ بِآنِيَةٍ، ثُمَّ لَا يَذُوقُونَ مِنْهُ شَيْئًا» أي: من الحوض شيئًا.