للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَهُ -صلى الله عليه وسلم- حَوْضَانِ عَظِيمَانِ: حَوْضٌ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ سُنَّتُهُ وَمَا جَاءَ بِهِ، وَحَوْضٌ فِي الْآخِرَةِ، فَالشَّارِبُونَ مِنْ هَذَا الْحَوْضِ فِي الدُّنْيَا هُمُ الشَّارِبُونَ مِنْ حَوْضِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَشَارِبٌ، وَمَحْرُومٌ، وَمُسْتَقِلٌّ، وَمُسْتَكْثِرٌ، وَالَّذِينَ يَذُودُهُمْ هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ عَنْ حَوْضِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَذُودُونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ عَنْ سُنَّتِهِ وَيُؤْثِرُونَ عَلَيْهَا غَيْرَهَا؛

فَمَنْ ظَمِأَ مِنْ سُنَّتِهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا شُرْبٌ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَشَدُّ ظَمَأً وَأَحَرُّ كَبِدًا «وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ أَشَرِبْتَ فَيَقُولُ: نَعَمْ وَاللَّهِ فَيَقُولُ: لَكِنِّي وَاللَّهِ مَا شَرِبْتُ، وَاعَطَشَاهُ» (١).

فَرِدْ أَيُّهَا الظَّمْآنُ وَالْوِرْدُ مُمْكِنٌ … فَإِنْ لَمْ تَرِدْ فَاعْلَمْ بِأَنَّكَ هَالِكُ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِضْوَانُ يَسْقِيكَ شَرْبَةً … سَيَسْقِيكَهَا إِذْ أَنْتَ ظَمْآنُ مَالِكُ

وَإِنْ لَمْ تَرِدْ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَوْضَهُ … سَتُصْرَفُ عَنْهُ يَوْمَ يَلْقَاكَ آنِكُ (٢)

نسأل الله -جل وعلا- أن يُعِيذَنا من الفتن، وأن يُثبِّتَنا على دينه حتى نلقاه،

ونسأله -جل وعلا- أن يرزقنا شربةً من حوضه، لا نظمأ بعدها أبدًا،

وأكتفي بهذا والله تعالى أعلم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) روى أبو نعيم في «حلية الأولياء» (٦/ ٢٠٩): عَنِ الْفَضْلِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى تَدَافُعِ أُمَّتِي بَيْنَ الْحَوْضِ وَالْمَقَامِ فَيلْقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ، فَيَقُولُ يَا فُلَانُ أَشَرِبْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيلْقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ أَشَرِبْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللهِ صُرِفَ وَجْهِي فَمَا قَدَرْتُ أَنْ أَشْرَبَ فَيَرْجِعُ» والفضل الرقاشي منكر الحديث.
(٢) اجتماع الجيوش الإسلامية (٢/ ٨٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>