للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء هم العصاة الذين اجترحوا السيئات، واكتسبوا الخطايا فتخطفهم الكلاليب، فتجرح أجسادهم لكنهم ينجُون بفضل الله -سبحانه وتعالى- ثم بسبب أعمالهم.

فلا بد من العمل كما قال الله -سبحانه وتعالى- في أهل الجنة:

{وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)} [الأعراف].

وقال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢)} [النحل]

وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢)} [الزخرف: ٧٢]

وقال تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: ١٩، المرسلات: ٤٣]

وقال تعالى عن أهل النار: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)} [السجدة: ١٤]

والعابرون للصراط متفاوتون بحسب أعمالهم كما تقدم في الأحاديث:

" فمنهم من يمُرُّ كلمح البصر، ومنهم من يمُرُّ كالبرق، ومنهم من يمُرُّ كالريح، ومنهم من يمُرُّ كالفرس الجواد، ومنهم من يمُرُّ كركاب الإبل، ومنهم من يعدو عدوًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يزحف زحفًا، ومنهم من يخطف فيلقى في جهنم؛ فإنَّ الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم. فمن مرَّ على الصراط؛ دخل الجنة". (١).

قال شمس الدين ابن القيم -رحمه الله-: وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن كمال ما يُستمتع به من الطيبات في الآخرة بحسب كمال ما قابله من الأعمال في الدنيا، ثم قال: وَمِنْهَا: أَنَّ مَشْيَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ فِي السُّرْعَةِ وَالْبِطْءِ بِحَسَبِ " سُرْعَةِ " سَيْرِهِمْ "وَبُطْئِهِ" عَلَى صِرَاطِ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمِ فِي الدُّنْيَا فَأَسْرَعُهُمْ سَيْرًا هُنَا أَسْرَعُهُمْ هُنَاكَ وَأَبْطَأُهُمْ هُنَا أَبْطَأُهُمْ هُنَاكَ. وَأَشَدُّهُمْ ثَبَاتًا عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ " هُنَا " أَثْبَتُهُمْ هُنَاكَ وَمَنْ خَطِفَتْهُ كَلَالِيبُ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ وَالْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ هُنَا خَطِفَتْهُ الْكَلَالِيبُ الَّتِي كَأَنَّهَا شَوْكُ السَّعْدَانِ هُنَاكَ


(١) انظر: العقيدة الواسطية (ص: ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>