للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الملقن -رحمه الله-: قال القرطبي -رحمه الله-: إنما كان النساء أقل ساكني الجنة؛ لما يغلب عليهم من الهوى والميل إلى عاجل زينة الدنيا، لنقصان عقولهن فيضعفن عن عمل الآخرة، والتأهب لها لميلهنّ إلى الدنيا والتزين بها ولها، ثم هن مع ذلك أقوى الأسباب التي يصرف بها الرجال عن الأخرى؛ لما لهم فيهن من الهوى، وأكثرهن معرضات عن الآخرة بأنفسهن، صارفات عنها لغيرهن، سريعات الانخداع لداعيهنّ من المعرضين عن الدين، عسيرات الاستجابة لمن يدعوهن إلى الآخرة وأعمالها من المتقين. (١)

وقال المناوي -رحمه الله-: «إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ» أي في أول الأمر قبل خروج عصاتهن من النار فلا دلالة فيه على أن نساء الدنيا أقل من الرجال في الجنة … ا. هـ (٢)

وقال في موضع آخر أيضا: … لأنهن في الجنة باعتبار الحور وأقل ساكنيها نساء الدنيا فنساء الدنيا أقل أهل الجنة وأكثر أهل النار كما شهدت به الأخبار ا. هـ (٣)

واستشكل بعض الناس وصف النساء بنقصان عقلهن، ومما ذكره العلماء في بيان ذلك قول العلامة الألباني، قال -رحمه الله-: الحديث يقرر أمراً جِبِلْيّاً لا يمكن لأحد أن ينكره ولو كان ملحداً، وهو أن المرأة تحيض، وأن عقلها دون عقل الرجل، هكذا خلقها الله لحكمة بالغة، كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)} [الليل]، ولهذا قال العلماء- واللفظ لعلامة الأندلس الحافظ ابن عبد البر -: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نُقْصَانَ الدِّينِ قَدْ يَقَعُ ضَرُورَةً لَا تُدْفَعُ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ جَبَلَهُنَّ عَلَى مَا يَكُونُ نَقْصًا فِيهِنَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٤]؛ وَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ أَيْضًا بَعْضَ الرِّجَالِ عَلَى بَعْضٍ، وَبَعْضَ النِّسَاءِ عَلَى بَعْضٍ، وَبَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى بَعْضٍ، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء: ٢٣]؛ {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤)} [الزخرف] ا. هـ (٤).


(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٩/ ١٢٨) وانظر: «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» (ص ٨١٨)
(٢) فيض القدير (٢/ ٤٢٨).
(٣) المرجع السابق (٣/ ٨٥).
(٤) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٣/ ٣٢٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>