للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ، مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ وَلَا يَبْأَسُ، وَيَخْلُدُ وَلَا يَمُوتُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ … » الحديث (١)

وفي الصحيحين في حديث المعراج، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- كَانَ أَبُو ذَرٍّ -رضي الله عنه- يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ … فذكر الحديث وفي آخره قال -صلى الله عليه وسلم-: «ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا المِسْكُ» (٢)

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِابْنِ صَائِدٍ: «مَا تُرْبَةُ الْجَنَّةِ؟» قَالَ: دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ، مِسْكٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ: «صَدَقْتَ» (٣)

وفي رواية لمسلم: أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ، سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: «دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ خَالِصٌ».

قال النووي -رحمه الله-: قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّهَا فِي الْبَيَاضِ دَرْمَكَةٌ وَفِي الطِّيبِ مِسْكٌ وَالدَّرْمَكُ هُوَ الدَّقِيقُ الْحَوَارِيُّ الْخَالِصُ الْبَيَاضُ. قال: وَذَكَرَ مُسْلِمٌ الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سأل بن صياد عن تربة الجنة أو ابن صَيَّادِ سَأَلَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ الْقَاضِي قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَظْهَرُ. ا. هـ (٤)

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: ذهبت طائفة من السلف إلى أن تربتها متضمنة للنوعين المسك والزعفران … ويحتمل معنيين آخرين:

أحدهما: أن يكون التراب من زعفران فإذا عجن بالماء صار مسكا والطين ترابا … المعنى الثاني: أن يكون زعفرانا باعتبار اللون مسكا باعتبار الرائحة وهذا من أحسن شيء يكون البهجة والإشراق لون الزعفران والرائحة رائحة المسك وكذلك تشبهها بالدرمك وهو الخبز الصافي الذي يضرب لونه إلى صفرة مع لينها ونعومتها … إلخ (٥)


(١) تقدم (ص: ٣٥١)
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٤٢) ومسلم (١٦٣) وقوله: «جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ» أي قباب اللؤلؤ. شرح النووي (٢/ ٢٢٢).
(٣) أخرجه مسلم (٢٩٢٨)
(٤) شرح النووي على مسلم (١٨/ ٥٢)
(٥) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (١/ ٢٨٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>