للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (١٩) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (٢٠) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢)} [الإنسان]

قال الحافظ ابن كثير: أَيْ: {وَيَطُوفُ} عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ للخدْمَة {وِلْدَانٌ} مِنْ وِلْدَانِ الْجَنَّةِ {مُخَلَّدُونَ} أَيْ: عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ {مُخَلَّدُونَ} عَلَيْهَا، لَا يَتَغَيَّرُونَ عَنْهَا، لَا تَزِيدُ أَعْمَارُهُمْ عَنْ تِلْكَ السِّنِّ .... وَقَوْلُهُ: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} أَيْ: إِذَا رَأَيْتَهُمْ فِي انْتِشَارِهِمْ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ السَّادَةِ، وَكَثْرَتِهِمْ، وَصَبَاحَةِ وُجُوهِهِمْ، وَحُسْنِ أَلْوَانِهِمْ وَثِيَابِهِمْ وَحُلِيِّهِمْ، حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا. وَلَا يَكُونُ فِي التَّشْبِيهِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا، وَلَا فِي الْمَنْظَرِ أَحْسَنُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْثُورِ عَلَى الْمَكَانِ الْحَسَنِ. قَالَ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما-: «مَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا يَسْعَى عَلَيْهِ أَلْفُ خَادِمٍ، كُلُّ خَادِمٍ عَلَى عَمَلٍ مَا عَلَيْهِ صَاحِبُهُ» (١). وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا رَأَيْتَ} أَيْ: وَإِذَا رَأَيْتَ يَا مُحَمَّدُ، {ثَمَّ} أَيْ: هُنَاكَ، يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وسَعَتها وَارْتِفَاعِهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الحَبْرَة وَالسُّرُورِ، {رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} أَيْ: مَمْلَكَةً لِلَّهِ هُناك عَظِيمَةً وَسُلْطَانًا بَاهِرًا. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ


(١) أخرجه هناد في الزهد (١/ ١٣٣): قال حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، والحسين المروزي في زوائد الزهد لابن المبارك (١٥٨٠) والطبري في تفسيره (٢٠/ ٦٤٤/ ط هجر) وأبو نعيم في صفة الجنة (٣٣٢) من طريق يزيد بن زريع، والبيهقي في البعث والنشور (٣٧١) من طريق عبد الوهاب؛ كلهم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. وإسناده صحيح، قاله الألباني في السلسلة الضعيفة (١١/ ٤٨١) وصححه في صحيح الترغيب والترهيب (٣٧٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>