للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان نبيُّنا -عليه الصلاة والسلام- وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لا تمضي عليه صلاة إلا ويسأل اللهَ فيها الجنةَ ويستعيذ به من النار،

وكذلك يفعل في الصباح والمساء كما تقدم.

فنحن -والله- أحوجُ ما نكون إلى لزوم هذه الأدعية التي تجعلنا على صلة دائمة بالله سبحانه.

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثًا، إِلَّا قَالَتِ الْجَنَّة: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَلَا اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ مُسْتَجِيرٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، إِلَّا قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنَ النَّارِ» (١).

أي: لو سألت الله الجنة ثلاثًا كلَّ يوم وسألته أن يعيذك من النار ثلاثًا

فإن النار والجنة تدعوان لك،

فأمَّا الجنَّة فتقول: اللهم أَدْخِلْه الجنة، وأما النارُ فتقول: اللهم أَجِرْه مني.

وقد جاء في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن الملائكة الذين يلتمسون مجالس الذكر فيجلسون مع المؤمنين ثم يلقون ربهم -سبحانه وتعالى- «فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ؛ قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَال: يَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً قَالَ: فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ» (٢).

فهذا حال المؤمنين في الدنيا، فهم قريبون من الله، وقريبون من الدار الآخرة، يتذكرونها، ويسألون الله الجنة، ويستعيذون به من النار،

وأخيرا:


(١) أخرجه أحمد (١٢٥٨٥)، والترمذي (٢٥٧٢) والنسائي (٥٥٢١)، وابن ماجه (٤٣٤٠) وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب (٣٦٥٤)، وشيخنا العلامة الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (٦٨٥)
(٢) تقدم (ص: ٤٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>