للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جزيلا، وأظهر السرور بالدّمشقيّين وصعد القلعة؛ ثم سار إلى حلب ونازل حمص وأخذ مدينتها فى أوّل جمادى الأولى، ولم يشتغل بقلعتها وتوجّه إلى حلب، ونازلها فى يوم الجمعة سلخ جمادى الأولى من السنة، وهى الوقعة الأولى.

ثم إنّ سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود بن زنكى صاحب الموصل لمّا أحسّ بما جرى علم أنّ الرجل قد استفحل أمره وعظم شأنه، فخاف إن غفل عنه استحوذ على البلاد واستقرّت قدمه فى الملك وتعدّى الأمر إليه، فأرسل عسكرا وافرا، وجيشا عظيما، وقدّم عليه أخاه عزّ الدين مسعود بن قطب الدين مودود، وساروا يريدون لقاء صلاح الدين نجدة لابن عمّه الملك الصالح ابن نور الدين، ليردّوا صلاح الدين عن البلاد. فلمّا علم صلاح الدين ذلك رحل من حلب فى مستهلّ رجب من السنة عائدا إلى حماة، ثم رجع إلى حمص وأخذ قلعتها. ووصل عزّ الدين مسعود إلى حلب وأخذ معه عسكر ابن عمّه الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين محمود، وهو صاحب حلب يومئذ، وخرجوا فى جمع عظيم؛ وما علم صلاح الدين بخروجهم حتّى وافاهم على قرون حماة، فراسلهم وراسلوه، واجتهد صلاح الدين على أن يصالحوه فلم يصالحوه؛ ورأى أن ضرب المصافّ معهم ربّما نالوا به غرضهم، والقضاء يجرى إلى أموره وهم لا يشعرون، فتلاقوا فقضى الله تعالى أنهم انكسروا بين يديه، وأسر جماعة منهم فمنّ عليهم وأطلقهم، وذلك فى تاسع غشر شهر رمضان من السنة عند قرون حماة. ثم سار صلاح الدين عقيب انكسارهم «١» ونزل على حلب، وهى الدفعة الثانية فصالحوه على المعرّة وكفر طاب وبارين «٢» . ولمّا جرت هذه الواقعة كان سيف الدين غازى محاصرا أخاه عماد الدين زنكى صاحب سنجار، وعزم على أخذها