وهى ممّا نحن فيه من علم الفلك والنجوم، قال:«أهل التسبيح والتقديس، لا يؤمنون بالتربيع والتسديس؛ والإنسان بعد علوّ النفس، يجلّ عن ملاحظة السعد والنحس؛ وإنّ فى الدين القويم، استغناء عن الزيج والتقويم؛ والإيمان بالكهانة، باب من أبواب المهانة؛ فأعرض عن الفلاسفة، وغضّ بصرك عن تلك الوجوه الكاسفة، فأكثرهم عبدة الطبع، وحرسة الكواكب السبع؛ ما للمنجم الغبىّ، والعلم الغيبىّ، [وما للكاهن «١» الأجنبىّ] ، وسرّ حجب عن النّبيّ؛ وهل ينخدع بالفال، إلّا قلوب الأطفال؛ وإنّ امرأ جهل حال قومه، وما الذي يجرى عليه فى يومه؛ كيف يعرف علم الغد وبعده، ونحس الفلك وسعده! وإنّ قوما يأكلون من قرصة الشمس لمهزولون، وإنهم عن السمع لمعزولون؛ ما السماوات إلّا مجاهل خالية، والكواكب صواها «٢»
، والنجوم إلّا هياكل عالية، ومن الله قواها؛ سبعة سيّرة نيّرة، خمسة منها متحيّرة، شرّارة وخيّرة طباعها متغايرة؛ كلّ يسرى لأمر معمّى، وكلّ يجرى لأجل مسمّى!» انتهت المقالة بتمامها وكمالها. وقد خرجنا بذكرها عن المقصود، ولنرجع إلى ما نحن فيه من ترجمة العادل وأخبار أخيه الصالح.
قال: ووكّلوا بى مملوكا لهم، [فظّا غليظا «٣»
] يقال له: زريق، وكان أضرّ علىّ من كلّ ما جرى، فأقمت عندهم إلى شهر رمضان سبعة أشهر، ولقد كان عندى خادم صغير فاتّفق أن أكل ليلة كثيرا فاتّخم وبال على البساط، فأخذت البساط بيدى والخادم، وقمت من الإيوان إلى قرب الدّهليز، وفى الدهليز ثمانون رجلا يحفظوننى، وقلت: يا مقدّمون، هذا الخادم قد أتلف هذا البساط، فاذهبوا به إلى الوادى