للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معلوم؛ وإنّ السبب فى ذلك غارة بعض جيوشنا على ماردين، وإنهم قتلوا وسبوا وهتكوا الحريم وفعلوا فعل من لاله دين؛ فالملك يعلم أن غارتنا ما برحت فى بلادكم، مستمرّة من عهد آبائكم وأجدادكم؛ وأنّ من فعل ما فعل من الفساد «١» ، لم يكن برأينا ولا من أمرائنا ولا الأجناد؛ بل من الأطراف الطامعة ممّن لا يؤبه إليه، ولا يعوّل فى فعل ولا قول عليه؛ وأنّ «٢» معظم جيشنا كان فى تلك الغارة إذا لم يجدوا ما يشترونه للقوت صاموا لئلّا يأكلوا ما فيه شبهة أو حرام، وأنهم أكثر ليلهم سجّد ونهارهم صيام.

وأمّا قول الملك ابن الملك «٣» الذي هو من أعظم القان فيقول قولا يقع عليه الردّ من قريب، ويزعم أنّ جميع ما هو عليه من علمنا ساعة واحدة يغيب؛ ولو يعلم أنّه لو تقلّب فى مضجعه من جانب إلى جانب، أو خرج من منزله راجلا أو راكبا؛ كان عندنا علم من ذلك فى الوقت القريب؛ [ويتحقق أنّ أقرب بطائنه إليه، هو العين لنا عليه، وإن كثر ذلك لديه «٤» ،] . ونحن تحقّقنا أنّ الملك بقى عامين يجمع «٥» الجموع، وينتصر بالتابع والمتبوع؛ وحشد وجمع من كلّ بلد واعتضد بالنصارى والكرج والأرمن، واستنجد بكلّ من ركب فرسا من فصيح وألكن؛ وطلب من المسوّمات خيولا وركاب، وكثر سوادا وعدّد أطلاب؛ ثم إنّه لمّا رأى أنه ليس له بجيشنا قبل فى المجال، عاد إلى قول الزّور والمحال، والخديعة والاحتيال؛ وتظاهر بدين الإسلام، واشتهر به فى الخاص والعام؛ والباطن بخلاف ذلك، حتّى ظنّ جيوشنا