للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبطالنا أنّ الأمر كذلك؛ فلمّا [التقينا «١» معه] كان معظم جيشنا يمتنع من قتاله، ويبعد عن نزاله؛ ويقول: لا يجوز لنا قتال المسلمين، ولا يحلّ قتل من يتظاهر بهذا الدين!؛ فلهذا حصل منهم الفشل، وبتأخّرهم عن قتالكم حصل ما حصل؛ وأنت تعلم أنّ الدائرة كانت عليك. وليس يرى من «٢» أصحابك الّا من هو نادم أو باكى، أو فاقد عزيز عنده أو شاكى؛ والحرب سجال يوم لك، ويوم عليك؛ وليس ذلك ممّا تعاب به الجيوش ولا تقهر، وهذا بقضاء الله وقدره المقدّر.

وأمّا قول الملك إنّه لما التقى بجيشنا مزّقهم كلّ ممزّق، فمثل هذا القول ما كان يليق بالملك أن يقوله أو يتكلّم به، وهو يعلم وإن كان ما رأى بل يسأل كبراء دولته وأمراء عساكره عن وقائع جيوشنا ومراتع سيوفنا من رقاب آبائه وأجداده، وهى إلى الآن تقطر من دمائهم؛ وإن كنت نصرت مرّة فقد كسرت آباؤك مرار، وإن كان جيشك قد داس أرضنا مرّة فبلادكم لغارتنا مقام ولجيوشنا قرار؛ وكما تدين تدان.

وأمّا قول الملك: إنّه ومن معه اعتقدوا الإسلام قولا وفعلا «٣» وعملا ونيّة، فهذا الذي فعلته ما فعله من هو متوجّه الى هذه البنيّة، أعنى الكعبة المضّية فإنّ الذي جرى بظاهر دمشق وجبل الصالحية ليس بخفىّ عنك «٤» ولا مكتوم، وليس هذا هو فعل المسلمين، ولا من هو متمسّك بهذا الدين؛ فأين وكيف وما الحجّة! وحرم البيت المقدس تشرب فيه الخمور، وتهتك الستور، وتفتضّ البكور؛ ويقتل فيه المجاورون،