للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويستأسر خطباؤه [والمؤذّنون «١» ] ، ثم على رأس خليل الرحمن، تعلّق الصّلبان، وتهتك النسوان، ويدخل فيه الكافر سكران؛ فإن كان هذا عن علمك ورضاك، فواخيبتك فى دنياك وأخراك؛ ويا ويلك فى مبدئك ومعادك، وعن قليل يؤذن بخراب عمرك وبلادك، وهلاك جيشك وأجنادك؛ وإن كنت لم تعلم بذلك فقد أعلمناك، فاستدرك ما فات فليس مطلوبا به سواك؛ وإن كنت كما زعمت أنّك على دين الإسلام، وأنت فى قولك صادق فى الكلام، وفى عقدك صحيح النظام؛ فاقتل الطّوامين الذين فعلوا هذه الفعال، وأوقع بهم أعظم النّكال؛ لنعلم أنك على بيضاء المحجّة، وكان فعلك وقولك أبلغ حجّة؛ ولمّا وصلت جيوشنا إلى القاهرة المحروسة وتحقّقوا أنّكم تظاهرتم بكلمة الإخلاص وخدعتم باليمين والإيمان، وانتصرتم على قتالهم بعبدة الصّلبان؛ اجتمعوا وتأهّبوا وخرجوا بعزمات محمديّة، وقلوب بدريّة، وهمم عليّة، عند الله مرضيّة؛ وحدّوا السير فى البلاد، ليتشفّوا منكم غليل الصدور والأكباد؛ فما وسع جيشكم إلا الفرار، وما كان لهم على اللّقاء صبر ولا قرار؛ فاندفعت عساكرنا المنصورة مثل أمواج البحر الزّخار إلى الشام، يقصدون دخول بلادكم ليظفروا بنيل المرام؛ فخشينا على رعيتكم تهلك، وأنتم تهربون ولا تجدون إلى النجاة مسلك؛ فأمرناهم بالمقام، ولزوم الأهبة والاهتمام؛ ليقضى الله أمرا كان مفعولا.

وأمّا ما تحمّله قاضى القضاة من المشافهة، فإنّا سمعناه ووعيناه وتحقّقنا تضمنته مشافهة؛ ونحن نعلم علمه ونسكه ودينه وفضله المشهور، وزهده فى دار الغرور؛ ولكن قاضى القضاة غريب عنكم بعيد منكم، لم يطّلع على بواطن قضاياكم وأموركم، ولا يكاد يظهر له خفىّ مستوركم؛ فإن كنتم تريدون الصلح والإصلاح، وبواطنكم كظواهركم متتابعة فى الصلاح؛ وأنت أيها الملك طالب الصلح على التحقيق، وليس