للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى قولك مين ولا يشوبه تنميق؛ فنحن نقلّدك [سيف «١» ] البغى، ومن سلّ سيف البغى قتل به، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله؛ فيرسل إلينا من خواص دولتك رجل يكون منكم ممّن إذا قطع بأمر وقفتم عنده، أو فصل حكما انتهيتم إليه، أو جزم أمرا عوّلتم عليه؛ يكون له فى أوّل دولتكم حكم وتمكين، وهو فيما يعوّل عليه ثقة أمين؛ لنتكلّم معه فيما فيه الصلاح لذات البين، وإن لم يكن كذلك عاد بخفّى حنين.

وأمّا ما طلبه الملك من الهديّة من الديار المصريّة فليس نبخل عليه، ومقداره عندنا أجلّ مقدار وجميع ما يهدى إليه دون قدره، وإنّما الواجب أن يهدى أوّلا من استهدى؛ لتقابل هديته بأضعافها، ونتحقّق صدق نيّته، وإخلاص سريرته؛ ونفعل ما يكون فيه رضا الله عزّ وجلّ ورضا رسوله فى الدنيا والآخرة، لعلّ صفقتنا رابحة فى معادنا غير خاسرة. والله تعالى الموفّق للصواب» . انتهى.

ثم سافر القصّاد المذكورون، وعاد السلطان من الصّيد فى ثالث صفر إلى بركة الحجّاج والتقى أمير الحاج وهو الأمير سيف الدين بكتمر الجوكندار أمير جاندار، وصحبته ركب الحاجّ والمحمل السلطانىّ، فنزل عنده السلطان وخلع عليه؛ ثم ركب وتوجّه حتى صعد قلعة الجبل عصر النهار، ودخل عقيب دخوله المحمل والحجاج، وشكر الحاجّ من حسن سيرة بكتمر المذكور مع سرعة مجيئه بخلاف العادة؛ فإن العادة كانت يوم ذاك دخول المحمل فى سابع صفر، وقبل ذلك وبعد ذلك. وعمل بكتمر فى هذه السّفرة من الخيرات والبرّ والخلع على أمراء الحجاز وغيرهم شيئا كثيرا؛ قيل: إنّ جملة ما أنفقه فى هذه السفرة خمسة وثمانون ألف دينار مصرية، تقبل الله تعالى منه. ثمّ فى صفر هذا وصل الخبر إلى السلطان بأنّ قازان على عزم الركوب وقصد الشام، وأنّ مقدّم عساكره الأمير بولاى قد قارب