للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمراء البلاد على حين غفلة من أهلها، ووضعوا السيف من الجيزة بالبرّ «١» الغربىّ والإطفيحية «٢» من الشرقىّ، فلم يتركوا أحد إلّا قتلوه، ووسّطوا نحو عشرة آلاف رجل، وما منهم إلا من أخذوا ماله وسبوا حريمه، فكان إذا ادّعى أحد منهم أنه حضرىّ، قيل له: قل دقيق، فإن قال: دقيق بالكاف لغات العرب قتل، وإن قال: بالقاف المعهودة أطلق، ووقع الرعب فى قلوب العربان حتى طبّق عليهم الأمراء وأخذوهم من كلّ جهة فرّوا إليها، وأخرجوهم من مخابئهم حتى قتلوا من جانبى «٣» النيل إلى قوص، وجافت الأرض بالقتلى، واختفى كثير منهم بمغاور الجبال فأوقدت عليهم النّيران حتى هلكوا بأجمعهم، وأسر منهم نحو ألف وستمائة لهم فلاحات وزروع، وحصّل من أموالهم شىء عظيم جدّا تفرّقته الأيدى، وأحضر منه إلى الديوان السلطانىّ ستة عشرة ألف رأس من الغنم، وذلك من جملة ثمانين ألف رأس ما بين ضأن وما عز، ومن السلاح نحو مائتين وستين جملا من السيوف والسلاح والرماح، ومن الأموال على بغال محملة مائتين وثمانين بغلا، ونحو أربعة آلاف فرس، واثنين وثلاثين ألف جمل، وثمانية آلاف رأس من البقر، غير ما أرصد فى المعاصر، وصار لكثرة ما حصّل للاجناد والغلمان والفقراء الذين اتّبعوا العسكر فباعوا الكبش الكبير السمين من ثلاثة دراهم إلى درهم «٤» ، والمعز بدرهم الرأس، والجزّة الصوف بنصف درهم، والكساء بخمسة دراهم «٥» ، والرّطل السمن بربع درهم، ولم يوجد من يشترى الغلال لكثرتها؛ فإنّ البلاد طرقت وأهلها آمنون، وقد كسروا الخراج سنتين «٦» . ثم عاد العسكر فى سادس عشر شهر رجب من سنة إحدى وسبعمائة،