للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليوم اليد البيضاء على المسلمين- رحمهما الله تعالى- واستمرّوا فى القتال إلى أن كشفوا التّتار عن المسلمين، وكان جوبان وقرمجى من طوامين التتار قد ساقا تقوية لبولاى وهو خلف المسلمين؛ فلمّا عاينوا الكسرة على قطلوشاه أتوه نجدة ووقفوا فى وجه سلّار وبيبرس، فخرج من عسكر السلطان [أسندمر «١» ] والأمير قطلوبك والأمير قبجق والمماليك السلطانية وأردفوا سلّار وبيبرس، وقاتلوا أشدّ قتال حتى أزاحوهم عن مواقفهم، فمالت التتار على الأمير برلغى فى موقفه، فتوجّهوا الجماعة المذكورون إلى برلغى، واستمرّ القتال بينهم.

وأمّا سلّار فإنّه قصد قطلوشاه مقدّم التتار وصدمه بمن معه، وتقاتلا وثبت كلّ منهما، وكانت الميمنة لمّا قتل الأمراء منها انهزم من كان معهم، ومرّت التتار حلفهم فجفل الناس وظنّوا أنّها كسرة، وأقبل السواد الأعظم على الخزائن السلطانية فكسروها ونهبوا ما فيها من الأموال، وجفل النساء والأطفال. وكانوا قد خرجوا من دمشق عند خروج الأمراء منها، وكشف النساء عن وجوههنّ وأسبلن الشعور وضجّ ذلك الجمع العظيم بالدعاء، وقد كادت العقول أن تطيش وتذهب عند مشاهدة الهزيمة! واستمرّ القتال بين التتار والمسلمين إلى أن وقف كلّ من الطائفتين عن القتال.

ومال قطلوشاه بمن معه إلى جبل قريب منه، وصعد عليه وفى نفسه أنّه انتصر، وأنّ بولاى فى أثر المنهزمين من المسلمين، فلمّا صعد الجبل رأى السهل والوعر كلّه عساكر والميسرة السلطانية ثابتة، وأعلامها تخفق، فبهت قطلوشاه وتحيّر واستمرّ بموضعه حتّى كمل معه جمعه وأتاه من كان خلف المنهزمين من السلطانية ومعهم عدّة من المسلمين قد أسروهم، منهم: الأمير عزّ الدين أيدمر نقيب المماليك السلطانيّة،