لأنها هبةٌ لم تُقبض حتى مات الواهبُ أو الموهوبُ له، وقال الشافعي: هي هبة مستأنفة، إن قبضتْها، لم تسقطْ بالطلاق قبلَ الدخول، ولا بعدَه، ولا بالموت، وإن لم تُقبض، فلا شيءَ لها مطلقًا.
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} فيما شرعَ من الأحكام. وأما تقديرُ الصَّداق فلا حدَّ لأكثره؛ لقوله تعالى:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}[النساء: ٢٠]، وكان صداق أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خمسَ مئة درهمٍ، وبناتِه أربعَ مئةٍ، فيسنُّ أن يكونَ من أربعِ مئةٍ إلى خمسِ مئةٍ، وإن زادَه، فلا بأسَ، وإِن النجاشي أصدقَ أُمَّ حبيبةَ بنتَ أبي سفيانَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أربعَ مئةِ دينارٍ.
واختلفَ الأئمةُ في أقلِّه، فقال الشافعيُّ وأحمدُ: لا حدَّ لأقلِّه، فكلُّ ما جاز أن يكونَ ثمنًا، جاز أن يكون صَداقًا، وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ: يتقدَّرُ بنصاب السرقة، واختلفا في قدره، فعندَ أبي حنيفةَ: عشرةُ دراهمَ، أو ما قيمتُه عشرةُ دراهمَ، وعند مالكٍ: ربعُ دينار من الذهب، أو ثلاثةُ دراهمَ من الوَرِق، أو عرضٌ يساوي أحدَهما.
واختلفوا في تعليم القرآن هل يجوز أن يكون صَداقًا؟ فقال أبو حنيفةَ وأحمدُ: لا يجوزُ، وقال مالكٌ والشافعيُّ: يجوزُ.
واختلفوا في منافعِ الحر، فقال أبو حنيفة: لا يجوز أن تكونَ صداقًا، وقال الثلاثة: يجوزُ، إلا أن مالكًا يكرهُه.