للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ديمقراطس: عالم معاند خير من جاهل منصف، فقال تلميذه: الجاهل لا يكون منصفا، والعالم لا يكون معاندا.

وقيل: كثرة الخلاف حرب وكثرة الموافقة غشّ.

[المستأذن في سؤال مسألة]

قال ابن شبرمة لأياس بن معاوية: أتأذن لي في مسألة ألقيها إليك؟ فقال إياس:

استربت بك حين استأذنت، فإن كنت لا تسوء جليسا، ولا تشين «١» مسؤولا فهاتها.

وقال أبو العيناء: لعبيد الله: أسأل أم أسكت؟ فقال: إن سألت أفدت وإن سكت كفيت.

[شروط المناظرة]

اجتمع متكلّمان، فقال أحد هما: هل لك في المناظرة؟ فقال: على شرائط أن لا تغضب، ولا تعجب، ولا تشغب، ولا تحكم، ولا تقبل على غيري وأنا أكلمك، ولا تجعل الدعوى دليلا، ولا تجوز لنفسك تأويل آية على مذهبك إلا جوزت إلى تأويل مثلها على مذهبي، وعلى أن تؤثر التصادق، وتنقاد للتعارف وعلى أنّ كلامنا يبني مناظرته على أن الحقّ ضالته والرشد غايته.

وقال أبو يعقوب الخطابي لجلسائه: إنّما اجتمعتم للأدب لا بجوار ولا نسب، فوفوه حقّه ولا تثلبوا أحدا. فمن ثلب ثلب وإيّاكم والمراء في الأديان فإنها مفسدة بين الإخوان، ونقص عند أهل الزمان. وعليكم بالأصول، ولا تكثروا فتملوا واستريحوا إلى ما يوافق من الأدب، فإنه غض أبدا غير مملول، ولا تتجاوزوا في النّحو قدر الحاجة، فغاية الحاذق فيه معروفة.

وقيل: كان يعقوب الخطابي إذا جلس إليه أصحابه يقول: اعفونا من ثلاث وخوضوا بعد فيما شئتم: من ذكر السلف، وأن تقولوا فلان خير من فلان، ومن ذكر القدر.

مدح الجواب الحاضر «٢»

قال مسلمة بن عبد الملك: ما أوتي العبد بعد الإيمان بالله شيئا أحبّ إليّ من جواب حاضر، لأن الجواب إذا كان بعد نظر وتفكّر، لم يكن بشيء. ألم تسمع قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ

«٣» إلى قوله: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ

«٤» ، وقال عمرو ابن العاص: ما اتقيت جواب أحد من الناس غير جواب ابن عبّاس (رضي الله عنه) ،

<<  <  ج: ص:  >  >>