حماقة المعلّمين
قال يعقوب الدورقي: إن الله أعان على عرامة الصبيان، بحماقة المعلمين. وقال سهل بن هارون «١» لم أر قاضيا ولا عدلا معلم كتاب، لا في تافه حقير ولا في ثمين خطير.
وقال الشاعر:
وكيف يرجّى العقل والرأي عند من ... يروح على أنثى ويغدو على طفل
وقال آخر:
أنت ألحى معلّم وطويل ... حسبنا ربّنا ونعم الوكيل
وقال الجاحظ:
المعلمون على ضربين: منهم من ارتفعوا عن أولاد العامّة إلى تعليم أولاد الملوك والمرشّحين للخلافة كالكسائي وقطرب وحماد وعبد الصمد، فهؤلاء لا تجوز عليهم الحماقة، وإن لكلّ قوم حاشية وجهالا وسفهاء.
[ما وصف من ذكاء الصبيان وكيسهم في الكتاب]
قال مؤدب يزيد بن عبد الملك: لم لحنت؟ فقال: الجواد يعثر. فقال المؤدب: أي والله ويضرب حتى يستقيم. فقال يزيد: وربما يرمح «٢» سائسه فيكسر أنفه.
ويروى عن ابن السكيت قال: أحضرت لاتخذ على المعتز بالله، فقلت له: بأي شيء نبدأ اليوم. فقال: بالخروج. فقلت: نعم. فعدا من بين يدي وعثر على المرمر، فقال:
يموت الفتى من عثرة بلسانه، وليس يموت المرء من عثرة الرجل. فقلت للمتوكل: جئتم بي لتأديبه وهو آدب منّي. فأمر لي بعشرة آلاف درهم.
قال أبو محمد يحيى- وكان مؤدب المأمون في صغره- صلّيت يوما قاعدا فأخطأ المأمون فقمت لأضربه، فقال: أيها الشيخ أتطيع الله قاعدا وتعصيه قائما فكتب بهذا إلى الرشيد فأمر لي بخمسة آلاف درهم.
وحكي أنه بدر من أبي عمر الصباغ إلى الصاحب جفاء وكان مؤدبه، فقام من عنده وكتب إليه:
أودعتني العلم فلا تجهل ... كم مقول يجني على مقتل
وأنت إن علمتني سوقة ... والسيف لا يبقي على الصّيقل
فاتصل ذلك بأبي الحسين بن سعد فتعجب منه وكتبه وقال: ابن ثمانين يكتب شعر ابن عشر ثم تلا: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا
«٣» .