للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما أراد عمرو بن هبيرة تولية أياس القضاء قال له: أني لا أصلح لأني عيي دميم حديد، فقال أما الحدة فالسوط يقوّمك، وأما الدمامة فإني لا أحاسن بك، وأما العيّ فإنك تعبر عما تريده فولاه.

حثّ الوالي على ادّخار الإحسان

قال جعفر بن محمد: كفّارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان. وقال بعضهم لوال:

بادر بإحسانك الليالي ... فليس من غدرها أمان

وقيل: أحسن والدولة تحسن إليك، وأنشد:

إذا هبت رياحك فاغتنمها ... فإنّ لكل خافقة سكون «١»

ولا تزهد عن الإحسان فيها ... فما تدري السكون متى يكون

وقيل: اجعل زمان رخائك «٢» عدة لزمان بلائك «٣» . وقيل: تودّد الرجل في علو مرتبته ذب «٤» للشماتة أيام سقطته. واستعمل عمر رضي الله عنه رجلا، فقال: إن العمل كبير فانظر كيف تخرج منه.

ذمّ مغترّ بولايته

وصف أعرابي واليا فقال: ما أطول سكر كأس شربها فلان. ولما يخاف من عاقبتها أشد سكرا. ولئن كانت الدنيا مشغولة به ليوشك أن تكون فارغة منه، حيث لا يرجى له أو به ولا تقبل له توبة.

وذكر الأصمعي أن قول الشاعر:

أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف غبّ ما يأتي به القدر

وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر

كأنما أخذ من قوله تعالى: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً

«٥» .

ودخل الأنباري الشاعر على الصاحب بالأهواز، وكان نازلا في دار ابن بقية، فلم يعرفه الصاحب ولم يلتفت إليه، فانشأ يقول:

اسمع مقالي ولا تغضب عليّ فما ... أبغي بذلك لا بذلا ولا عوضا

في هذه الدار في هذا الرواق على ... هذا السرير رأيت الملك فانقرضا

<<  <  ج: ص:  >  >>