فنوّاحة، وليس لي كسب. فقال للمرأة: التزمي نفقته يا فاعلة. فقالت: وهل في الحكم هذا؟ قال: نعم لو كنت مكانه لنكتك وأخذت جذرك، فقال الرجل فديتك يا جوهر القضاة فافعل الساعة.
وكان بلال بن أبي بردة أول من جار في الحكم وكان يتقاضى إليه الرجلان فيقضي لأحدهما بلا بينة ويقول: وجدته أخفّ على قلبي من صاحبه.
من ردّ القاضي شهادته فعارضه بما عدل به
شهد معلم عند سوّار «١» فقال: لا أجيز شهادتك. قال: ولم؟ قال: لأنك تأخذ على كتاب الله تعالى الأجرة، فقال: وأنت تأخذها على القضاء، فقال: أنا أكرهت، فقال: هب أنك مكره على القضاء هل أكرهت على أخذ الأجرة، فأجاز شهادته. وشهد آخر عند سوار بسبة. فقال: من أين علمت؟ قال من حيث علمت أنك سوار بن عبد الله. وشهد قوم عند شبرمة بقراح فيه نخل فسألهم كم فيه من جذع؟ قالوا: لا ندري، فأراد أن يرد شهادتهم فقال أحدهم: أيها القاضي كم من أسطوانة في هذا المسجد؟ فقال: لا أدري. فقال: كيف وأنت تحكم فيه منذ كذا سنة، فاجاز شهادتهم.
من ردّ القاضي شهادته بلطف
قال المهدي لشريك وعنده عيسى بن موسى: إن شهد عندك هذا هل تقبل شهادته؟
وأراد أن يوقع بينهما. فقال شريك من شهد عندي سألت عنه فإن زكّي أجزت شهادته وعيسى لا أسأل عنه غير أمير المؤمنين فإن زكاه قبلته وهذا عكس على السائل.
كما حكى عن أبي حنيفة رحمه الله قال: كنا نأتي حمادا فلا ننصرف عنه إلا بفائدة.
فقال يوما: إذا وردت على أحدكم مسألة معضلة «٢» فليجعل جوابها منها فما رأيت قوله شيئا. حتى دخلت يوما دار المنصور، فخرج الربيع وسألني ممتحنا أفتني في رجل أمرني أمير المؤمنين بقتله، أعليّ في طاعته حرج، فذكرت قول حماد فقلت: أليس يأمرك أمير المؤمنين بحق رآه قال: نعم. فقلت: افعل فكل حق يأمرك به لا حرج عليك فيه.
وشهد الفرزدق عند قاض فقال: قد أجزنا شهادة أبي فراس فزد في شهودك فلما انصرف الفرزدق قيل له: قد رد شهادتك فقال: وما يمنعه من ذلك وقد قذفت ألف محصّنة «٣» . وأتى وكيع أياس بن معاوية ليشهد عنده فقام إليه وقال: ما جاء بك يا أبا المطرف؟ قال: أقيم شهادة لجار لي فقال: حاشاك أن تشهد كما يشهد الموالي والتجار والسقاط. قال صدقت فانصرف عنه.