للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد ذهبت في الطول منها والسّعة ... وتحتشي من حافتيها بردعه

[مدح اللحية والاعتذار لها]

دخل رجل على قتيبة بن مسلّم وكان عظيم اللحية وقتيبة كان خفيف اللحية فقال:

لقد كبرت لحيتك فقال: والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا. فقال قتيبة: قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبتك كثرة الخبيث وقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بتوفير اللحية فقال: أحفوا الشوارب واعفوا اللحى.

[ذم طول اللحية ومدح خفتها]

قال الجاحظ: ما طالت لحية رجل إلا تكوسج «١» عقله.

قال شاعر:

ألم تر أنّ الله أعطاك لحية ... كأنّك منها بين تيسين قاعد

وقال مديني لرجل قد ملأت لحيته وجهه: خندق على وجهك قبل أن يجري الماء في العود فيصير وجهك كله رأسا. وقيل: ما زادت لحية عن قبضة إلا نقص بمقدار زيادتها من العقل.

قال شاعر:

إذا لحية خفّت وفا عقل ربّها ... وإن ضخمت لم يحظ إلا بها الصّدر

وقال ابن الرومي:

إذا عرضت للفتى لحية ... وطالت وصارت إلى سرّته

فنقصان عقل الفتى عندنا ... بمقدار ما زيد في لحيته

وعرض الرشيد خيل مصر فمر به أفراس كثيرة وسمها الجنيدي، فسأل عنه فقيل:

هو صاحب هذه الافراس. فاستحضره فإذا هو لحياني «٢» أحمق. فقال الرشيد: ما أحسن هذه الأفراس فقال: هي للخليفة يقبلها. وقيل: اللحية الطويلة عش البراغيث ومزبلة التراب والغبار.

[عذر من نتف من السخفاء]

قيل لمخنّث لم تنتف لحيتك وهي من هبة الله؟ فقال: إن الله تعالى أمرني بذلك فقال: وإذا حييتم بتحية فحيوا بإحسن منها أو ردّوها ولم أجد بأحسن منها فرددتها. وقيل لآخر: لم تنتف لحيتك وقد زين الله بها وجهك؟ فقال أتحب أن يزين بها فقحتك؟ قال: لا قال: ما لا تحب أن يطلع في إستك كيف أستصلحه لوجهي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>