للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استجيد قول زهير:

أخو ثقة لا يهلك الخمر ماله ... ولكنّه قد يهلك المال نائله

أي ليس ممن يعطى لسكره ولكن يعطي لسخائه. وقيل: ليس ينفق ماله في شرب الخمر ولكنه في البذل. قال البحتري:

تكرمت من قبل الكؤوس عليهم ... فما استطعن أن يحدثن فيك تكرّما

وقال المتنبيّ:

لا تجد الخمر في مكارمه ... إذا انتشى خلّة تلافاها «١»

عذر سخيّ بخل في بعض الأحوال

قال الحسن بن علي رضي الله عنهما لرجل سأله شيئا، فلم يمكنه: لو أمكنني لكان الحظ فيه لنا دونك، فإن حرمنا شكرك فلا تحرمنا سعة عذرك. قصد رجل الحسن بن سهل في حالة عسره فاستماحه، فلم ينل منه مطلبه فعاتبه، فقال الحسن:

الجود طبعي ولكن ليس لي مال ... وكيف يسمح من بالدين يحتال

وشيمتي في العطايا لا تزايلني ... وليس ما أشتهي يأتي به المال

واستبطأ دعبل أبا دلف، فبعث إليه دنانير، وكتب معها:

أعجلتنا فأتاك عاجل برّنا ... قلا ولو أمهلتنا لم تقلل

فخذ القليل وكن كأنّك لم تسل ... ونكون نحن كأنّنا لم نسئل

ومدح البحتري طاهر بن محمد، فبعث إليه دنانير، وكتب معها بأبيات منها:

والشريف الظريف يسمح بالعذ ... ر إذا قصّر الصديق المقلّ

فكتب إليه البحتري:

وإذا ما جزيت شعرا بشعر ... يبلغ الحقّ فالدنانير فضل

دخل بعض الطالبيين على إسحاق الموصلي فأطال الجلوس، فلما خف الناس كلّمه في حاجة، فقال: ما إلى ذلك سبيل. فسكت قليلا ثم عاوده، فقال له كذلك، فقال:

لا ييئسنّك من كريم نبوة ... ينبو الفتى وهو الجواد الخضرم «٢»

فإذا أبى فاستبقه وتأنّه ... حتى يفيء به الطباع الأكرم

فاهتز لكلامه، وقال: قد عاد الطباع الأكرم وخوّله.

وفي المثل: بيتي يبخل لا أنا. وقال وال لرجل كان يكثر سؤاله: دع الضرع يدرّ لغيرك كما درّ لك.

<<  <  ج: ص:  >  >>