وهذا إنما هو لمن جاوز المقدار أو قصّر عنه وكفاك ما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله يبغض البليغ يتخلّل بلسانه تخلل البقرة بلسانها.
وأنشد العجّاج:
أمسى الغواني معرضات صددا
وأعرابي حاضر فقال: تنحّ عن سننه، وإلا تسقط منه كلمة فتشدخك «١» ، وما أجود ما قال ابن أبي طاهر:
إن خير الكلام ما ليس فيه ... عند من يفهم الكلام كلام
ذمّ عييّ متقعّر
قيل: أعيا العيّ بلاغة بعي. وقال محمد بن وهيب:
تشبهت بالأعراب أهل التعجرف ... فدلّ على مثواك قبح التكلّف
لسان عرابيّ إذا ما صرفته ... إلى لغة الإعراب لم يتصرّف
وقال أبو الأسود لابن صديق له: ما فعلت امرأة فلان التي كانت تساره وتضاره وتماره «٢» فقال: طلقها فتزوج بها فلان فخطيت وبظيت فقال أبو الأسود: ما معنى بظيت فقال: كلام لم تدر من أي بيض خرج وفي أي عش درج فقال: إن ما لا أعرفه فاخبأه كما تخبأ الهرة خرءها.
[من ارتكب أمرا طلبا للسجع]
خرج عبادة إلى عبادان فقيل: ما الذي جاء بك؟ فقال: لا جمع بين عبادة وعبادان.
وكان علي بن رستم خرج إلى بغداد وأسلم فكتب إلى أهله: كتابي إليكم من مدينة السلام عن سلامة وإسلام فقال: أخوه ما خرج أخي وأسلم إلا طلب أن يكتب هذه المسجعة «٣» .
ما حدّ به العيّ وذمّه
قال أكثم العي أن تتكلم بفوقما تقتضيه حاجتك، وقيل: العي معنى قليل يحويه لفظ كثير، وقيل: العي داء دواؤه الخرس، وقيل: لاعي «٤» ولا شلل، وتكلم رجل عند معاوية وكان ذا عيّ فقال عمر: وسكوت الألكن «٥» نعمة فقال معاوية: وكلام الأحمق نقمة، وقال النمر بن تولب «٦» :