للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرها أنفذ من أن تحتاج أن تركب وأي شيء يتفاقم حتى تحتاج عائشة فيه إلى الركوب ثم لا يعرف خبره.

وقال بعضهم في تفضيل الإناث منها:

عليك بالبغلة دون البغل ... مركب قاض وإمام عدل

وعالم وسيّد وكهل ... تصلح للوحل وغير الوحل

ويضرب به المثل في تلوّن أخلاقه. قال الشاعر:

خلق جديد كلّ يو ... م مثل أخلاق البغال

وقال آخر:

متلوّن كتلوّن البغل

لقي الرشيد موسى بن جعفر على بغلة فاستنكر ذلك، وقال: أتركب دابّة إن طلبت عليها لم تلحق وإن طلبت لم تسبق؟ فقال: لست بحيث أحتاج أن أطلب أو أطلب فإنها دابّة تنحط عن خيلاء الخيل، وترتفع عن ذلّة الحمير وخير الأمور أوساطها.

وصف الحمار مدحا وذمّا

وصف الفضل بن عيسى الحمار فقال: هو أقرب الدواب داء وأكثرها دواء وأكبرها جماحا. أنفض مهوى وأقرب مرتقى. قد تواضع راكبه. ولو أراد أبو سيارة لركب في الموسم مهريا وفرسا عربيا، لكنه ركب الحمار أربعين سنة، فعارضه أعرابي، فقال: الحمار إن وقفته أدلى وإن تركته ولى، كثير الروث قليل الغوث لا ترقأ به الدماء ولا تمهر «١» به النساء ولا يندى به الإناء.

ونظر الرقاشي إلى حمار فاره لمسلم بن قتيبة، فقال: قعدة نبي وبذلة جبار، ذهب إلى حمار عزير وحمار عيسى وحمار بلعم.

وقرّب إلى أبي لجيم حمار له ليركبه وهو والي البصرة، فقال خالد بن صفوان:

أعيذك بالله أيها الأمير من ركوبه فإنه عير، والعير عار وشنار منكر الصوت بعيد الفوت متفرق الصحل، متورط في الوحل بسائره، مشرف ولراكبه مقرف. فقال أبو لجيم: أمصله.

فقال خالد: اجعله لي. فقال: هو لك فعاد عليه راكبا. فلما بصر به، قال: ما هذا؟ قال:

عير من نسل الكداد أصحر السربال محملج «٢» القوائم يحمل الرجل ويبلغ العقبة، ويمنعني أن أكون جبارا.

وقيل: شر المال مالا يزكى ولا يذكى يعني الحمير، لأنها لا تجب الزكاة في سائمتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>