للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه لبعض ولاته، لم وليت أقاربك؟، قال: لأني أعلم أخبارهم ولانهم يبقون علي، وعلى حالهم لدي.

حثّ السّلطان على كفاية من يولّيه

قال بعض الأكاسرة: إذا استكفيت رجلا فأسن «١» رزقه وقوي عضده «٢» وأطلق بالتدبير يده. ففي إسنان رزقه حسم طمعه، وفي تقوية يده ثقل وطأته على أهل العدوان، وفي إطلاق التدبير له أخافته عواقب أموره.

وقال المنصور يوما لجنده: صدق القائل أجع كلبك يتبعك. فقال بعضهم: كلا فربما يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويدعك، فقد قيل منع خيرك يدعو إلى صحبة غيرك. فقال:

صدقت.

وقال أبرويز لا توسعنّ على جندك فيستغنوا عنك ولا تضيقنّ عليهم فيضجوا منك، أعطهم عطاء قصد وأمنعهم منعا جميلا، ووسّع على قومك في الرجاء ولا توسّع عليهم في العطاء.

[السياسة بالخشونة والعسف]

قال الحجّاج دلّوني على رجل أستعمله على الشرطة، وأريده رجلا دائم العبوس طويل الجلوس، سمين الأمانة أعجف الخيانة، يهون عليه سبال في الشفاعة. فقيل له: عليك بعبد الرحمن التميمي. فاستحضره وولاه. فقال: لا أقبلها إلا أن تكفيني عيالك وحاشيتك. فدعاهم وقال: من طلب إليه منكم حاجة برئت الذمة منه. فتولّى، فكان لا يحبس إلا في دين، وإذا أتى بشاهر سلاح قطع يده، وإذا أتى بنقّاب «٣» نقب بطنه، وإذا أتى بنبّاش دفنه حيا، وإذا أتى بمتهم ضربه ثلاثمائة سوط، فربما أقام أربعين يوما لا يؤتى بمتهم.

وصعد الحجّاج المنبر يوما فقال: إنّي أريد الحجّ وقد استخلفت عليكم ابني وأوصيته بخلاف ما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم في الأنصار، حيث أوصى أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم ألا وإني أوصيته أن لا يتجاوز عن مسيئكم، ولا يقبل من محسنكم ألا وإنكم لتقولون بعدي: لا أحسن الله له الصحبة. وإني معجل لكم الإجابة لا أحسن الله عليكم الخلافة.

وقيل: خير الملوك من أشبه النسور ومعناه سلطان يأكل الرعية خير من سلطان تأكله الرعية.

وسأل عبد الرحمن بن عوف عمر رضي الله عنهما أن يلين للناس، فقال: الناس لا

<<  <  ج: ص:  >  >>