للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بزرجمهر: السعيد يتبع الرزق، والشقي يتبع مسقط الرأس، أخذه من قال:

ذو اللبّ تنزع للرفاعة نفسه ... وترى الشقيّ نزوعه للموطن «١»

وقال المتنبّي:

وما بلد الإنسان غير الموافق ... ولا أهله الأدنون غير الأصادق

قال أبو نواس: دخلت دار السلطان بمدينة السلام، فرأيت أبا دلف الكرخي متعلقا ببعض ستائر الخاصة، وهو يقول:

طلب المعاش مفرّق ... بين الأحبّة والوطن

ومصير جلد الرجا ... ل إلى الضّراعة والوهن

حتّى يقاد كما يقا ... د النضو في ثني الرسن

ثم المنية بعده ... فكأنّه ما لم يكن

فقلت: أيها الأمير لو صرت إلى حجرتي، لأنشدتك بيتين يسليانك فجاء معي فأكل وشرب وقال: هات ما عندك فأنشدته:

إذا كنت في أرض عزيزا وإن نأت ... فلا تكثرنّ منها نزاعا إلى الوطن

فما هي إلا بلدة بعد بلدة ... وخيرها ما كان عونا على الزمن

فسرّي عنه وحباني مالا جمّا.

[إيثار العسر في الوطن على اليسر في الغربة]

قيل: عسرك في وطنك أطيب من يسرك في غربتك. وقيل: إذا وجدت بعض القوت فالزم قعر البيوت. وقيل: إحفظ بلدا ربّاك. وقيل: بلد أغذيت فيه السلامة فلا تزايله «٢» وقال:

وإن اغترابي كي أنال معيشة ... وفضل غنى للوارثين خسار

ذمّ الخروج عن الوطن

قيل الغربة ذلّة وكربة. وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: من رضي بالذل فليس منّا. وقيل السفر سقر، ولكن غلط باسمه. وقيل السفر شعبة من جهنم، ولذلك قيل: لولا فرحة الأوبة لعذبت بالسفر.

وقال التنوخي:

مسير دعاه الناس سيرا توسّعا ... ومعنى اسمه إن حقّقوه إسار

<<  <  ج: ص:  >  >>