للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجل باع حرا ثم أكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى عمله ولم يوفه أجره. وكان أبو بكر رضي الله عنه لما استخلف، قال للناس: إنكم شغلتموني عن تجارتي، فافرضوا لي ففرضوا له كل يوم درهمين. استأجر رجل حمالا ليحمل قفصا فيه قوارير على أن يعلمه ثلاث خصال ينتفع بها، فحمل الحمال القفص فلما بلغ ثلث الطرق، قال: هات الخصلة الأولى فقال: من قال لك أن الجوع خير من الشبع فلا تصدقه، فقال: نعم. فلما بلغ ثلثي الطريق، قال: هات الثانية، فقال له: من قال لك أن المشي خير من الركوب فلا تصدقه.

فقال: نعم، فلما انتهى إلى باب الدار قال هات الثالثة، فقال: من قال لك أنه وجد حمالا أرخص منك فلا تصدقه، فرمى الحمال القفص على الأرض، وقال: من قال لك في هذا القفص قارورة صحيحة فلا تصدقه.

(٣) ومما جاء في الدّين ومتعلّقاته

ذم الدّين والنهي عنه

قيل إن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث إلى رجل من اليهود يستسلفه إلى الميسرة، فقال: ليس لمحمد زرع ولا ضرع فأي ميسرة له، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: كذب عدو الله لو أعطانا لأدينا إليه، ولأن يلبس أحدكم ألوانا شتّى خير له من أن يستدين ما ليس عنده قضاؤه.

وقال معاذ بن جبل: الدّين شين. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من الكفر والدّين. وقال بعض الحكماء: الدّين رقّك فلا تبذل رقك لمن لا يعرف حقك. وقيل: الدين هدم الدين، وقيل: ما استرق الكريم مالك أفظّ عليه من الدين، وقيل: الدّين غلّ الله في أرضه فإذا أراد أن يذلّ عبدا جعله في عنقه. وسأل فيلسوف رجلا أن يقرضه مالا فرده وذمه.

وقال بعض الناس إلى الفيلسوف إنه جبهك بالرد، فقال: ما زاد على أن حمّر وجهي بالخجل مرة واحدة ولو أقرضنيه لصفّر وجهي مرات كثيرة.

[من مات وعليه دين]

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: من داين الناس بدين في نفسه وفاؤه ثم مات وليس عنده وفاؤه، تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء. ومن داين الناس بدين ليس في نفسه وفاؤه ثم مات وليس عنده وفاؤه اقتص الله لغريمه منه. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه وقال أبو هريرة رضي الله عنه: جيء بجنازة يوما فوضعت بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلم، فقام ليصلّي عليه، فقيل: إن عليه دينا، فقال صلّوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة رضي الله عنه، على دينه يا رسول الله، ثم خطب فقال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من مات وعليه دين أو ضياع فعليّ ومن ترك مالا فلورثته.

<<  <  ج: ص:  >  >>