رمضان فكتب إليه عدلت عن هدايا السلطان إلى التيمّن بالقرآن وما يرضى الرحمن فوقع في رقعته فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
«١» . وأهدى أحمد بن يوسف إلى المأمون هدايا وكتب إليه رقعة، فلم يستظرف من هديته شيئا إلّا قوله في رقعته هذا يوم جرت فيه العادة بالطاف العبيد للسادة. وبعث إبراهيم بن المهدي بجراب ملح وجراب أشنان وكتب معهما: قصرت البضاعة عن بلوغ الهمة فكرهت أن تطوى صحف البر خالية من ذكرى، فبعثت بالمبدوء به لبركته والمختوم به لنظافته والسلام. وشرب الرشيد دواء فأهدت إليه الخيزران جارية بكرا معها جام، كتب عليه:
إذا خرج الإمام من الدواء ... وأعقب بالسّلامة والشّفاء
فليس له دواء غير شرب ... بهذا الجام ينزع بالطّلاء
وفضّ الخاتم المهدي إليه ... فهذا العيش من بعد الدواء
وأهدى رجل إلى آخر قلنسوة ونعلا وخاتما فقال لقد أشواني فلان بكسوته أي أصاب شواي.
ذكر الهديّة بأنها أمارة لفضل صاحبها أو نقصه
قيل: يعرف فضل المرء بفضل هديته وسخافته بسخافة بره. وقيل: ثلاثة تدل على عقول أربابها الهدية والرسول والكتاب. وقد حكى الله تعالى عن بلقيس أنها قالت وإني مرسلة إليه بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون، فجعلت جواب الهدية دلالة.
قال كشاجم:
إنّ هدايا الرجال مخبرة ... عن قدرهم قلّلوا أو احتفلوا «٢»
[المهدي هدية سخيفة]
أهدى أبو رهم السدوسي إلى قينة كان يتعشقها زنبيل بصل، فقال فيه ابن المعدل:
قالت جبل ماذا العمل هذا الرجل حين احتفل أهدى بصل. أهدى رجل إلى إسماعيل الطالبي فالوذجة عتيقة قد زنخت، وكتب معها إني اخترت لعملها سكر السوس والعسل الماذي والزعفران الأصفهاني، فكتب إليه: برئت من الله إن كانت هذه الفالوذجة قد عملت إلا قبل أن يوحى ربك إلى النحل. وأهدى أبو علي البصير إلى أبي العيناء كرينجان قد كتب على كل واحدة منها ادخلوها بسلام آمنين، فردها أبو العيناء وقد كتب عليها فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن. وكان رجل قد شغف بصبي فأهدى إليه، كلبا فقال أبو شبل:
وما رأت عيني ولا قيل لي ... إن فتى مستهترا صبّا «٣»