للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الإكرام مفسده لم تكن الزيادة فيما يفسده له مصلحة. جنّب كرامتك اللئام فإنك إن أحسنت إليهم لم يشكروا وإن نزلت بهم شدة لم يصبروا.

قال شاعر:

سأحرمكم حتّى يذلّ صعابكم ... فانجع «١» شيء في صلاحكم الفقر

قال آخر:

إنّ اللئيم إذا رأى ... لينا تزايد في خسرانه

لا تكذبنّ فصلاح من ... جهل الكرامة في هوانه

[الاستعانة بالجهل عند الحاجة إليه]

أكرموا سفهاءكم فإنهم يكفونكم النار والعار، وبينما ابن عمر رضي الله عنهما جالس إذ أقبل أعرابي فلطمه فقام إليه رجل فجلد به الأرض، فقال ابن عمر: ليس بعزيز من ليس في قومه سفيه. وقيل: اجعل لكلّ كلب كليبا يهرّ دونك، فالعرض يصان بمثل سفيه يصول «٢» وحاد يقول:

لا بدّ للسؤدد من أرماح ... ومن سفيه دائم النباح

قال الأحنف:

ومن يحلم وليس له سفيه ... يلاقي المعضلات من الرّجال

وقال آخر:

ولا يلبث الجهّال أن يتهضّموا ... أخا الحلم ما لم يستعن بجهول

الرخصة في عقاب المجرم والحثّ عليه

قال الله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ

«٣» وقال: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ

«٤» ، وجاء أعرابيّ إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

أتخاف عليّ جناحا إن ظلمني رجل فظلمته؟ فقال ابن عباس: وإن تعفوا أقرب للتقوى ولمن انتصر بعد ظلمه، فأولئك ما عليهم من سبيل.

وقال الشعبي: يعجبني الرجل يكافىء بالسيئة السيئة، فإذا سيم هوانا «٥» أبت له الأنفة إلا المكافأة. فبلغ قوله الحجّاج فقال: لله درّه «٦» . أيّ نفس بين جنبيه. وقال الجاحظ: من قابل الإساءة بالإحسان فقد خالف الربّ في تدبيره، وظنّ أن رحمته فوق رحمة الله تعالى والناس لا يصلحون إلا على الثواب والعقاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>