للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن ابن حجل مدّ فضل جناحه ... علي بإنسانيهما المتغيّب

[نوادر العميان في عماهم]

كان أعمى يقول أرحموا ذا الزمانتين. فقيل: ما هما؟ قال العمى وقبح الصوت أما سمعتم:

فبي عيبان إن عدّا ... فخير منهما الموت

فقير ما له قدر ... وأعمى ما له صوت

وقال المتوكل يوما لجلسائه: لولا ذهاب بصر أبي العيناء لجعلته نديمي. فقال أبو العيناء لما بلغه ذلك: إن كان يريدني لقراءة نقش الخواتم وقراءة الأهلة لم أصلح.

فضحك واتخذه نديما.

وقال معاوية لابن عبّاس رضي الله عنهما: إنكم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم فقال: وأنتم يا بني أمية تصابون في بصائركم. وقيل لبشار: ما أذهب الله عيني امرئ إلا عوضه عنهما فما الذي عوضك؟ قال: أن لا أرى مثلك. وسأل رجل بشارا عن دار فهداه إليها فلم يكن يهتدي فقال:

أعمى يقود بصيرا لا أبا لكم ... قد ضلّ من كانت العميان تهديه

وتزوّج أعمى امرأة فقالت: لو رأيت بياضي وحسني لعجبت، فقال: إسكتي فلو كنت ما تقولين لما تركك البصراء لي. وقيل: الأعمى مكابر والأعور ظلوم والأحول تيّاه.

وقيل: في أعمى يدّعي العور:

أعمى يدلس نفسه في العور

وقال أعمى لآخر: فلان أقل حيلة من البصير فعندهم البصراء قليلو الحيلة.

[العور]

أصاب أعور أرمد فقال: يا رب ليس محله. وكتب الصاحب في أعور يريد أن يثبت اسمه في العميان هذا الفتى قد جبر عور عينه بعمى قلبه فألحقه بالعميان والسلام وقيل لأعور: ما أشد العمى؟ قال: عندي. نصف الخبر. وقيل لأعور: أعمى الله عينك قال: قد أجيبت نصف دعوتك.

وأصاب حجر عين أعور الصحيحة فوضع يده عليها وقال أمسينا وأمسى الملك لله.

وتجارى قوم في مجلس فقال أحدهم من كان أعور فهو نصف رجل ومن لا يحسن السباحة فهو نصف رجل، ومن لا يتزوج فهو نصف رجل، وكان معهم رجل اجتمعت فيه هذه كلها فقال: إني أحتاج إلى نصف رجل حتى أكون لا شيء. وقال أعور في نفسه وصاحب له أعور:

ألم ترني وعمرا حين نغدو ... إلى الحاجات ليس لنا نظير

<<  <  ج: ص:  >  >>