الأعداء وطول البقاء مع القدرة والنماء. وقيل ذلك للفضل بن سهل، فقال: توقيع نافذ وأمر جائز. وقيل لحكيم: تمنّ، فقال: محادثة الأخوان وكفافا من عيش والانتقال من ظل إلى ظل. وقيل ذلك لمطرف فقال: مركب وطي ومطعم شهي وملبس دفي. وقيل لآخر، فقال: شواء مستنشل وغناء مسترسل ونكاح مستعجل.
وقال بعضهم: العيش كلّه في صحة البدن وكثرة المال وخمول الذكر. وقيل لحكيم، قال: هوى وافق حقا. وقيل لرجل، فقال: أن تعطي جوارحك لذاتها. وقيل لأعرابي، فقال: خباء في أرض خلاء وكلب إذا أصابه المطر زاحمني فيه. وقيل لابن سنان فقال: ليل طويل الطرفين أقرن بينهما بذكر الله تعالى. وقيل لمأبون: فقال: لذّة الأبنة وحكّ الجرب فمن حرمهما فقد حرم لذات الدنيا. نعوذ بالله من بعض الأماني.
[أماني البله]
قال شاعر:
إذا تمنّى مائق أمنية ... تحسبها كائنة مقضيّة
قال الأصمعي: قال شيخ من بني العجيف إني تمنيت أن أبني دارا فمكثت أربعة أشهر للدرجة أين أضعها. ومرّ الحجاج ليلة بدكان لبّان وعنده بستوقة فيها لبن. وهو يتمنى ويقول: أنا أبيع هذا اللبن بكذا درهما وأشتري به كذا، ثم أبيعه ثم يكثر مالي ويحسن حالي، وأخطب إلى الحجّاج ابنته فأتزوج بها فتلد لي إبنا فأدخل عليها يوما فتخاصمني، فأضربها برجلي هكذا، ومدّ رجله فكسر البستوقة، فقرع الحجاج بابه واستفتحه فضربه خمسين، وقال: أليس لو ضربت بنتي بوكزة هكذا لفجعتني بها.
[نوع من الأماني]
قال الوليد بن عبد الملك لبديح المغني: خذ بنا في الأماني فلأغلبنّك، فقال: والله لا تغلبني فيها أبدا إني أتمنى كفلين من العذاب وإن يلعنني الله لعنا يشن علي من خلفي ومن قدّامي أتتمنى مثله؟ فقال: غلبتني لعنك الله. وقيل لرجل: أيسرك أن يكون لك ألف درهم؟ فقال: نعم وأضرب مائة، فقال: وضرب المائة لمه، فقال: لأنه لا يكون شيء إلا بشيء.
وقيل: كان رجل يطلبه الحجّاج فمر بساباط فيه كلب، فقال: ليتني كنت هذا الكلب فأستريح من الغمّ والخوف، فما لبث أن جيء بذلك الكلب وفي عنقه حبل، وقيل: ورد كتاب الحجاج يأمر فيه بقتل الكلاب. وقعد ابن أبي عتيق فقال: ليت لنا لحما فنطبخ سكباجا «١» فما لبث أن جاء جار له بصحفة، فقال أعطونا قليل مرق، فقال إن جيراننا يشمّون رائحة الأماني.