[الخصيب الفناء]
قال بعضهم لعاف: نزلت بواد ممطور وفناء معمور، فحطّ رحلك فقد صادفت أهلك. قال الحطيئة:
إذا نزلوا بمحلّ روّضوه ... بآثار كآثار الغيوم «١»
وقال ابن الرومي:
أنخت بحيث تبيضّ الأيادي «٢» ... وتسودّ المطابخ والبرام «٣»
من علّم الناس الجود وأعداهم حسن صنيعه
قال بعض الأعراب: قدم علينا الحكم بن المخزومي ولا مال لنا، فأغنانا عن آخرنا، فقلت له: كيف؟ فقال: علمنا مكارم الأخلاق فعاد أغنياؤنا على فقرائنا فصرنا كلنا أجوادا.
وكان عبد الله بن العباس يسمّى معلم الجود لسخائه وحثّه على ذلك قولا وفعلا.
قال شاعر متمثلا معاتبا لصاحبه:
فلو كنت تطلب شأو الكرام ... فعلت كفعل أبي البحتري
تتبع إخوانه في البلاد ... فأغنى المقلّ عن المكثر
وقال ابن الرومي:
حبّبت كفّه النوال إلى النا ... س جميعا وكان غير حبيب
وقصد أبو العريان بعض الأكابر فكساه وأولاه مالا، فخرج ووزع على أصحابه، وقال:
لمست بكفّي كفّه أبتغي الغنى ... ولم أدر أن الجود من كفّه يعدي
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت وأعداني فأفسد ما عندي
[من الجود عبده ورقيقه]
قصد أعرابي خالد بن يزيد، فقال إني امتدحتك ببيتين فهل تسمعهما، فقال: إن أحسنت فنعم ولك ثواب، فأنشد:
سألت النّدى والجود حرّان أنتما ... فقالا جميعا إننا لعبيد
فقلت ومن مولاكما فتطاولا ... جميعا وقالا خالد ويزيد
فاهتزّ طربا لهما، وأمر له بصلة سنيّة.
قال دعبل:
الجود يعلم أنّي منذ عاهدني ... ما خنته وقت ميسوري ومعسوري