للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البحتري:

تعيب الغانيات عليّ شيبي ... ومن لي أن أمتّع بالمعيب

وأنشد ابن دريد في وصفه:

ولي صاحب ما كنت أهوى لقاءه ... فلما التقينا كان أكرم صاحب

عزيز علينا أن يفارق بعدما ... تمنّيت دهرا أن يكون مجانبي

[الشيب داء متمنى]

قيل لأبي العيناء: كيف أنت؟ قال في الداء الذي يتمنّاه الناس يعني الهرم. وقيل لأعرابي وقد ضعف من الكبر لقد أذنب إليك الدهر، فقال: كثّر الله من ذنوبه عندي.

[طول العمر يفضي إلى الهرم والمصائب]

قيل: من أخطأ سهم المنية قيّده الهرم. ومن وطّن نفسه على طول العمر فليوطنها على كثرة المصائب. وقال ابن الحارث في وصيته لبنيه: من متّع بكبر بلي بعبر، ومن تأخّر يوما ملّه قومه.

وقال زهير:

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم

وقيل: كفى بالسلامة داء، وقال:

فكيف ترى طول السلامة يفعل

[من أضعفه كبره وهرمه]

سأل الحجاج شيخا فقال: كيف طعمك؟ قال: إذا أكلت ثقلت، وإذا تركت ضعفت. قال: كيف نكاحك؟ قال: إذا بذل لي عجزت، وإذا منعت شرهت. قال: كيف نومك؟ قال: أنام في المجمع وأسهر في المضجع. قال: فكيف قيامك وقعودك؟ قال: إذا قعدت تباعدت عنّي الأرض، وإذا قمت لزمتني. قال: كيف مشيك؟ قال: تعقلني الشعرة وتعثرني البعرة.

وقيل لشيخ ما صنع بك الدهر؟ قال: فقدت المطعم وكان المنعم، وأجمت النساء وكن الشفاء. فنومي سنات، وسمعي خفات، وعقلي تارات.

وقيل لآخر: فقال: أدرج من العشاش، وأخرأ في الفراش، وأنبو عن القماش، وأنفر من لاش.

وقيل لآخر: فقال: ضعضع قناتي، وأوهى شواتي، وجرّ أعلى عداتي. وسئل ابن الفرية عن وصف الكبر فقال: إقبال البخر وإدبار الزفر، وانقباض الذكر. وقيل: الشيخوخة غمامة تمرض الأمراض.

قال أبو الطمحان:

<<  <  ج: ص:  >  >>