للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمد الطّوى وذمّه

قال المغيرة بن شعبة: علّموا أولادكم الخفاف احملوهم على الطوى، لأن من اتبع أمرا لزمه، ومن أكثر من تركه أجمه «١» . وقال الحارث بن كلدة: يى خير الدواء الأزم «٢» وشر الدواء إدخال الطعام على الطعام. قيل ليوسف عليه السلام: لم تجوع وأنت على خزائن الأرض؟ فقال: أخاف أن أشبع فأنسى الجائع. وقيل: ترك الأكل يضيق الأمعاء.

الصّابر على الجوع

قال:

ولقد أبيت على الطّوى وأظلّه ... حتّى أنال به لذيذ المطعم

وخرج أبو خراش في سفر فعدم الطعام أياما، فمر بامرأة، فقال: هل من طعام فأتته بعمروس «٣» . فقالت: إذبحه فذبحه وسلخه ثم شواه، فلما وجد رائحة الشواء قرقر بطنه، فقال: أتقرقر من رائحة الشواء يا ربّة البيت هل من صبر؟ فأتته بصبر فاقتحمه وأتبعه بماء ثم ارتحل، ولم يأكل، وقال:

وإني لأثوي الجوع حتّى يملّني ... فيذهب، لم تدنّس ثيابي ولا عرضي

وقال آخر:

وأغتبق الماء القراح وأنتهي ... إذا الزاد أمسى للمزلّج ذا طعم «٤»

مخافة أن أحيا برغم وذلة ... وللموت خير من حياة على رغم

الصّائن بطنه عمّا يلزم منة أو مذمّة

قيل: أحسن بيت في هذا المعنى قول نهشل:

أغرّ كمصباح الدجنّة يتّقي ... قذى الزاد حتّى يستفاد أطايبه

وقال:

إذا مطعمي كان ذا غصّة ... غسلت يدي منه قبل اكتفائي

وقال آخر:

ألبان إبل تعلّة بن مساور ... ما دام يملكها عليّ حرام

وطعام عمران بن أوفى مثلها ... ما دام يسلك في البطون طعام

إنّ الذين يسوغ في أعناقهم ... زاد يمنّ عليهم للئام

قال بعضهم: اكتريت من جمّال، فكان يحدو بنا بقول الشاعر:

أبلج بين حاجبيه نوره

<<  <  ج: ص:  >  >>