للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه فإن غلب فبفضل القحة ونبذ المروءة وخلع ربقة الحياء وقلة الاكتراث بسوء الثناء.

ما جعلته العرب تعجّبا من الشّتّم

تقول العرب: قاتله الله. قال ابن الأعرابي: إذا قيل قتله الله لا يكون إلا شتما وإذا قيل قاتله الله يكون تعجبا. وماله، لا عد من نفره وتربت يداه وثكلته أمه وهوت أمه كل ذلك يستعمل على طريق التعجب واستعظام القول فيه، ولهذا قال بعض الشعراء:

أسب إذا أجدت القول ظلما ... كذاك يقال للرجل المجيد

الحثّ على التعريض بالشتم دون التصريح

قال أبو عمرو بن العلاء: أحسن الشتم ما يتذاكره ذوو المروآت في مجالسهم ولا يتحاشى من روايته أهل الأديان.

من شتم كثيرا معرّضا غير مصرّح

سأل رجل بعض الكبار شيئا فاعتذر إليه بفقر ناله، فقال: إن كنت كاذبا فجعلك الله صادقا وإن كنت محجوبا فجعلك الله معذورا. كتب هشام إلى ملك الروم: من هشام أمير المؤمنين إلى ملك الطاغية، فكتب إليه ما ظننت أن الملوك تسب وما الذي يؤمنك أن أكتب إليك من ملك الروم إلى الملك المذموم هشام الأحول المشؤوم.

كان محرز الكاتب إذا رأى ابن شاهين قال: حيّاك الله وجها ألقاك به وهو لا يفهم، فلما أكثر، قيل له: إنما عنى نفسه بما يقوله، فقال: دعوه لي فلما رآه وقال له ذلك، قال: لا حيا الله وجها أراك به، فضحك محرز وقال: آمين.

قال بعضهم:

سلام ساقط الميم ... على وجهك بالحاء

لنا في البيت خروف ... فكل منه بلا فاء

وقال ابن الحجّاج:

وزنته ألفين يا ليته ... أصبح في تصحيف ألفين

أي في القبر.

وسأل أمير المؤمنين بعض الناس فقال: هل سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: عليّ مني كهرون من موسى، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقال: كبرت سنّي ونسيته، فقال:

إن كنت كاذبا فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة فصار ذا برص إلى أن مات.

[من تملح في شتم كبير]

خرج المهدي إلى الصيد فتفرد مع غلام فرأى أعرابيا، فقال: إني أريد أن أضحك من هذا الأعرابي فأتاه الغلام فقال: أجب أمير المؤمنين فقال مالي ولأمير المؤمنين؟ فزناه وشتمه. فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين هذا شتمني. فقال المهدي: يا غلام اعطه دانقا،

<<  <  ج: ص:  >  >>