للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشّار من لحية رجل شيئا فقال: لا يمنعني أن أقول صرف الله عنك السوء إلا مخافتي أن يذهب الله بوجهك إنه سوء. ومن هذا الباب قال أبو الأسود: لا يفض الله فاك أي لا يجعله فضاء بذهاب الأسنان. وقال بعضهم: طاب طيبك وعاش حبيبك ولا زال خير ينوبك. وقال رجل لآخر: رحمك الله فقال له مجيبا له: يغفر الله لي ولكم، فقال ما أنصفتنا آثرناك على أنفسنا بالدعاء وجعلتنا علاوة على نفسك.

[دعاء مكروه المبدأ]

دعا رجل لسلطان فقال: لا صبّحك الله إلا بخير فأمر بأن يصفع، وقال: من آخذني باحتمال قبيح ابتداء سلامه والصبر على انتظار تمامه. ولما أنشد أبو مقاتل الضرير الراعي يهنئة بمهرجان:

لا تقل بشرى ولكن بشريان

أمر بطرده، وقال: أعمى ينشد يوم المهرجان لا تقل بشرى. وقال رجل لبعض الخلفاء في كلام نفاه: لا أطال الله بقاءك، فقال: قد علمتم لو تعلمتم ألا قلت: لا وأطال الله بقاءك، وعنى بذلك ما روي أن رجلا قال بلعضهم: لا وأطال الله بقاءك، فقال: ما رأيت واوا أحسن موقعا من هذا الواو. وقال رجل لآخر: كيف أنت؟ فقال: كبر ضعفي، فقال قوّى الله ضعفك، فقال: اسكت إذا يزيد في علتي، قل: قوّاك الله على ضعفك.

ويقرب من ذلك ما حكي أن رجلا تعرض للصاحب فقال: أنا قاضي شلنبة وأدعو أبدا على مولانا، فقال: ادع على نفسك. فقال: لا بل على مولانا، وقدر أن ذلك زيادة في الدعاء، فقال الصاحب: زادنا في البر.

[(٥) ومما جاء في الدعاء على الإنسان]

حذق اللئيم بالسّباب وعجز الكريم عنه

قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: ما تساب اثنان قط إلّا غلب ألأمهما. أخذه الشاعر، فقال:

وإنّك قد ساببتني فغلبتني ... هنيئا مريئا أنت بالسبّ أحذق «١»

ونازع رجل المهلب فأربى عليه، فقيل له: لم سكتّ عنه؟، قال: استحييت من سخف المسابة ورغبت عن غلبة اللئام، وكان إذا سبني تهلل وجهه واستنار لونه وتبجحت

<<  <  ج: ص:  >  >>