للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الموصوف بالسرقة شيبان بن شهاب كان يجمع القراد «١» في دبة فيأتي بها عطن الابل إذا استقرت فيه فيفتحها ثم يرسلها فتتبدد الإبل فيسرقها، ومنه قال الشاعر:

وأوصى جحدر قدما بنيه ... بإرسال القراد على البعير

[أصناف اللصوص]

قال عثمان الخياط: السارق في الحضر والسفر خمسة: المحتال، وصاحب ليل وصاحب طريق، والنبّاش والخنّاق. فالمحتال إسم لمن لا يعمل إلا بحيلة ولا يقتل فهو لا يعرف بالصبر والنجدة، واللصوص يبهرجونهم ولا يستصحبونهم.

وأما صاحب الليل فالنقّاب والمتسلّق والمكابر وأشباه ذلك. والنبّاش معروف وأما الخنّاق فما منهم واحد إلا وهو صاحب بعج ورضخ. والرضخ إنما يكون في الأسفار ويصحب الرجل المنفرد من الرفقة ومعه حجران أملسان ملمومان قدر ملء الكف فإن قدر عليه ساجدا أو نائما وإلا فقائما فيعمد إلى صماخه ولا يخطئ وأكثرهم لا يرضى إلا بالقتل مخافة المطالبة.

وتعيّن «٢» ناس منهم شيخا معه مال وكان لا ينزل إلا بين القوم، فلما أعياهم أمره وكادوا يبلغون المنزل وخافوا الفوت وجدوا تشاغلا من القوم فألقى أحدهم الوتر في عنقه وغطاه بثوبه وأذن في أذنه فأخذ المخنوق يخور فاجتمع القوم، فقالوا: ما لكم والرجل خلّوا عنه. فقالوا: سلوا ربكم العافية وتباعدوا عنه فإنه إذا أفاق ورآكم استحيا فلّما رأوه قد برد قالوا: دعوه قد نام وفي النوم راحته ولما تفرق القوم أخذوا المال وتركوه.

ومن الخنّاقين من يحمل الرجل إلى داره بحيلته فإذا ألقى الوتر في عنقه ضرب أصحابه الطبل والصنج وتصايحوا كما يفعل النساء في البيوت ليخفى صوته.

عونة «٣» اللصوص

العين والمؤتى والشاغل والطراز. فالعين الذي يلزم الصيارف يتأمل كل مال محمول يأتي السفن فيتعرف موضع الحرز، ويأتي دار قوم يتطلب أنه يتوضأ فيتعرّف خزائنهم، والموضع الذي يقصدون منه.

والمؤتي الذي يتولي البيع والابتياع لهم ويجعل عند ذلك كأنه أمير قرية أو زعيم محلّة.

والشاغل هو الذي يشغل القوم عن اللص. والطراز إذا ظفروا به يجيء اللص فيضربه ما لا يضربه السلطان. ويقول هذا والله صاحبي هو الذي ذهب بمالي ويضربه ويحتال بذلك حتى يتشاغل عنه القوم فإذا تشاغلوا عنه أفلته وتأسّف مع القوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>