روي عن بلال أنه قال: أمرني النبي صلّى الله عليه وسلّم أن أؤذن للفجر بالليل. وروي أنه غاب ليلة عن أصحابه ومعه أخو صدى فلما كان وقت السحر، قال: قم فأذن. فما زلنا ننتظر الصبح بعد ذلك حتى جاء بلال فأراد أن يقيم، فقال صلّى الله عليه وسلّم: إن أخا صدى قد أذّن وإنما يقيم من أذن.
وروي أنه صلّى الله عليه وسلّم أمر بلالا بالترجيع. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كان الآذان على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثنى مثنى والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول قد قامت الصلاة مرتين.
وكان عثمان رضي الله عنه يقول إذا سمع الآذان: مرحبا بالقائلين عدلا وبالصلاة مرحبا وأهلا. وروي أن المسلمين لمّا قدموا المدينة كانوا يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادى بها فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا كناقوس النصارى. وقال بعضهم قرنا كقرن اليهود، فقال عمر رضي الله عنه: أولا تبغون رجلا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فناد بالصلاة فأمره أن يشفع الأذان ويوتّر الإقامة.
[السخف في الأذان]
قيل: استؤجر رجل في قرية على أن يؤذن بعشرة دراهم، فاستزادهم، قالوا: ليس لنا ما نزيدك ولكن قد سامحناك في حيّ على الفلاح فلا معنى له مع قولك حي على الصلاة.
وقال بعضهم: مررت برجل يقول في أذانه أشهد أن لا إله إلا الله وهم يشهدون أن محمدا رسول الله فقلت: مالك لا تشهد شهادتهم؟ فقال: إنه يهودي مستأجر. وقال بعضهم: دخلت قرية فحان وقت الصلاة فدخلت مسجدها، فأذنت وأقمت وصليت بجماعة منها دخلوا المسجد، فلما سلمت ودعوت قال أحدهم: أمسلم أنت أم يهودي؟
فقلت: هل رأيت يهوديا صلّى بمسلمين؟ قال: إنما نقول لأن يهودكم خير من مسلمينا.
[الواجب من الصلاة]
قال أبو حنيفة رضي الله عنه: الوتر واجب ولم يوجبه غيره واستدلّ بما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: إنّ الله تعالى زادكم صلاة ألا إنها هي الوتر فأوتروا. وروي أن أعرابيا أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فسأله عن الصلاة الواجبة عليه فذكرها له، فقال: هل على غيرها فقال لا إلا أن تتطوع. وروي أن أعرابيا قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم بعد أن علمه الصلاة: هل عليّ غيرها؟ قال:
لا، قال: والله لا أزيد فيها ولا أنقص، فقال: أفلح إن صدق. وروي الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله. وروي من ترك صلاة العصر فكأنما حبط عمله.
الحثّ على صلاة الجماعة
قال صلّى الله عليه وسلّم: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد. وقول الله تعالى: إِنَّما