للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إذا سألت بخيلا مؤنة أدركت الحرمان والعداوة.

تحمّل المكاره تفاديا من السّؤال

قال أبو عمرو بن العلاء اجتزت بكناس ينشد:

إذا أنت لم تعرف لنفسك قدرها ... هوانا لها كانت على النّاس أهونا

فلا تسكننّ الدهر مسكن ذلّة ... تعدّ مسيئا فيه إن كنت محسنا

فقلت: سبحان الله أتنشد مثل هذا وتتعاطى مثل هذا الفعل، فقال: إن إنشادي لمثله أصارني إلى هذا فرارا من ذل السؤال.

وقال الأصمعي: مررت بكناس وهو ينشد:

جنّباني ديار سعدى وليلى ... ليس مثلي يحلّ دار الهوان

فقلت: وأي هوان فوق هذا، فقال: مه، ذلّ سؤال مثلك. إن كنس ألف كنيف أهون من وقوف على مثلك.

وقيل لرجل كان يعمل في المعادن: ما أشد عملك. فقال: استخراج الماء من الجبال أهون من إخراجه من أيدي الأنذال.

ذمّ قوم يجب تجنّب سؤالهم

قال سلم: لا تطلب حاجتك إلى كذّاب فلعل حاجتك قريبة فيبعدها أو بعيدة فيقربها؛ ولا إلى رجل له إلى صاحبك حاجة، فإنه يجعل حاجتك وقاية لحاجته، ولا إلى أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.

وقال أبو عبّاس الكاتب: لا تنزل حوائجك مجيد اللسان ولا بالمتسرّع إلى الضمان، فالعجز مقصور على المتسرع ومن وثق بجودة لسانه ظنّ أن فضل بيانه مما ينوب عن إفضاله.

وقيل: إياك ومسألة الموقح الممرن وذي اللسان البيّن، وعليك بالحصر البكي وبذي الحياء الرضي، فمثقال من شدة الحياء والعي أنفع في الحاجة من قنطار من سليط. وعليك بالشمم الذي إذا عجز أيأس وإن قدر أطمع.

وقال عمر رضي الله عنه: لا تستعن على حاجتك إلا بمن يحب نجاحها لك. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تسألن حاجة بالليل ولا تسألن أعمى، فإن الحياء في العينين.

الحثّ على الإجمال في الطّلب

قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: لم يعد المرء ما قسم له فأجملوا في الطلب، فإن في القناعة سعة وكفا عن كلفة لا تحل. وقيل: اطلبوا الحاجات بعزّة الأنفس فإنّ بيد الله قضاءها.

<<  <  ج: ص:  >  >>