الواثق بتعذيبه وبحبسه في تنور من الحديد وإطباقه عليه قال لمعذبه: ارحمني. فردّ الخبر إلى الواثق فقال: أين قول لا تكون الرحمة إلا من خور، ثمّ تمثل بقوله:
فلا تجز عن من حسنة سنة أنت سرّتها
ووقع في قصة رجل دعني من ذكر الرحمة والاشفاق فما هما إلا للنسوان والصبيان.
قال المتنبّي:
يدخل صبر المرء في مدحه ... ويدخل الإشفاق في قلبه
المتمدّح بأنه يقابل الإساءة بمثلها
قال شاعر:
اعلم بأنّك ما أسديت من حسن ... إليّ أو سيء أوفيتك الثّمنا
قال مسلم بن الوليد «١» :
فإن يك أقوام أساؤا فأحسنوا ... إليّ فإنّي بالجزاء لراصد
قال الحارثي إذا عفا لم يكن في عفوه من ولا يكدر نعماه، إن سطا عاتب ذا جرم بقدره لا يتعداه.
[أخذ البريء بجرم السقيم]
قال الله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً
«٢» . قال الحارث بن حلزة «٣» :
عننا باطلا وظلما كما يع ... ترّ عن حجرة الربيض الظّباء «٤»
وقال آخر:
كذي العرّ يكوى غيره وهو راتع «٥»
وقال آخر:
كالثور يضرب لما عافت البقر
ووقف رجل على الحجّاج فقال: أصلح الله الأمير جنى جان في الحيّ فأخذت بجريرته وأسقط عطائي. فقال الحجّاج: أما سمعت قول الشاعر:
جانيك من يجني عليك وقد ... يعدي الصّحاح مبارك الجرب